بقلم: ش.يونس آيت الحاج
محمد بنشعبون على رأس مجموعة “اتصالات المغرب” ليس مجرد حركة إدارية عادية في مؤسسة اقتصادية وطنية، بل هو إشارة قوية إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب أكثر من مجرد تدبير تقني. إنها لحظة مفصلية في مسار هذه المجموعة التي تحمل إرثاً وطنياً وثقلاً قارياً، وتحتاج إلى قائد استثنائي برؤية استراتيجية وقدرة على التغيير العميق. وهنا يأتي بنشعبون، الرجل الذي يجمع بين صرامة الماليين ونظرة رجال الدولة.
حين نستعرض مسار الرجل، نجد أنفسنا أمام شخصية فريدة في الإدارة المغربية. فبنشعبون لم يتوقف يوماً عند حدود الوظيفة أو المنصب، بل كان دائماً مشغولاً بمفهوم “الأثر الجيد”. سواء في رئاسته لمجموعة البنك الشعبي، أو حين قاد وزارة الاقتصاد والمالية في فترة حساسة من تاريخ المغرب، أو حتى حين كان على رأس الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، ظل بنشعبون وفياً لمبدأ النتائج القابلة للقياس، والاستراتيجيات القابلة للاستمرار.
لم يعد خافياً أن “اتصالات المغرب” رغم كونها الفاعل التاريخي في قطاع الاتصالات، باتت تواجه منافسة شرسة، سواء من الداخل أو من الفضاء الإفريقي الواسع الذي اختارت أن تتمدد فيه منذ سنوات. ومع تنامي الطلب على الرقمنة، والخدمات الذكية، والبيانات الضخمة، لم يعد مقبولاً الاكتفاء بإيقاع تقليدي في التسيير.
بنشعبون، برؤيته المندمجة وميله إلى الإصلاح العميق، قادر على إعادة هندسة النموذج الاقتصادي للمجموعة، ليس فقط لتقوية موقعها محلياً، بل لتأكيد حضورها كقوة إقليمية إفريقية في مجال الاتصالات، تواكب التحولات التكنولوجية العالمية.

فهنا يُجمع الخبراء على أن إفريقيا تمثل اليوم المجال الجغرافي الأكثر دينامية في قطاع الاتصالات والخدمات الرقمية. والمنافسة على السوق الإفريقية لم تعد فقط بين الفاعلين الإقليميين، بل دخلت على الخط شركات عالمية بموارد ضخمة.
تبدو مهمة بنشعبون دقيقة للغاية: تطوير أداء المجموعة داخلياً، وفي نفس الوقت تثبيت دعائمها في القارة عبر نموذج يعتمد الابتكار، والتموقع الذكي، والشراكات الاستراتيجية.
ولعل شبكة علاقاته القارية والدولية، إضافة إلى فهمه العميق للاقتصاد السياسي للمنطقة، ستمكنه من استغلال هذه اللحظة التاريخية لإعادة تموقع “اتصالات المغرب” كلاعب إفريقي وازن.