منع التدخين في المقاهي؟ العدالة والتنمية يشعل دخان الوهم لتغطية فشله السياسي

في الوقت الذي يواجه فيه المغاربة أزمات حقيقية تتعلق بتدهور المعيشة، وغلاء الأسعار، وتراجع الخدمات العمومية، اختار فريق العدالة والتنمية في البرلمان أن يوجه بوصلته نحو المقاهي، عبر مقترح قانون يسعى إلى منع التدخين في الفضاءات العامة، وفرض غرامات مالية ثقيلة تصل إلى 5000 درهم.

 

تحت ذريعة حماية الصحة العامة، يحاول الحزب إعادة تقديم نفسه كمدافع عن مصالح المواطنين، لكن الحقيقة أن هذا المقترح لا يبدو سوى محاولة يائسة لصناعة انتصار أخلاقي في وقت خسر فيه العدالة والتنمية أغلب رهاناته السياسية والتنموية. هل فعلاً يشكل تدخين سيجارة أو شيشة في مقهى الخطر الأكبر على المجتمع اليوم؟ أم أن الحزب يفتعل معارك جانبية للهروب من مواجهة الواقع الصعب الذي كان جزءاً من صناعته؟

 

الأغرب في هذا المقترح أنه يأتي في وقت دقيق، حيث تتجه أنظار الدولة والمجتمع نحو الاستعداد لاستضافة كأس العالم، وهي مناسبة تفرض الانكباب على تحسين الخدمات، ومحاربة الفساد، والنهوض بالبنية التحتية. فهل يعتقد الفريق البرلماني أن منع تدخين الشيشة سيعطي صورة حضارية للمغرب أكثر من فتح ورش إصلاح حقيقي وشامل؟

 

الازدواجية الصارخة في خطاب الحزب تطرح تساؤلات حقيقية. فبينما كان في السابق يطالب بالحريات الفردية، نجده اليوم يسعى إلى فرض قيود جديدة على المواطنين، متجاهلاً تعقيد السياق الاجتماعي، وانعدام البدائل، وضبابية التنفيذ. وكأن المواطن المغربي لا ينقصه سوى شرطي يترصده في المقهى ويغرّمه بدعوى حماية صحته.

 

اشهار وسط المقالات

بعض المقاهي في المغرب تعاني من فوضى، وغياب للرقابة، واستغلال مفرط للفضاءات العمومية، وكلها قضايا لم يتحرك حيالها الحزب عندما كان في الحكومة، فلماذا الآن؟ هل لأن المقاهي أصبحت هي الملاذ الوحيد للفئات المتوسطة والفقيرة، فصار من السهل استهدافها؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون فقرة جديدة في مسرحية الاستعراض السياسي الفارغ؟

 

ان المغاربة اليوم في حاجة إلى قرارات جريئة وشجاعة تعالج جذور الأزمة، لا إلى قوانين سطحية تلهي الناس عن الفشل في معالجة القضايا الكبرى. وإذا كان الحزب يعتقد أن “دخان السجائر” هو المشكلة، فربما عليه أن ينظر أولاً إلى “دخان السياسات العقيمة” التي خنقت أنفاس المواطنين لعقد من الزمن.

ش،يونس ايت الحاح

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة
اترك تعليقا