احتضنت الخزانة السينمائية المغربية بالعاصمة الرباط، مساء يوم الاثنين 15 دجنبر 2025، عرضًا خاصًا للفيلم السينمائي المصري “الست”، وذلك بمبادرة كريمة من سعادة سفير جمهورية مصر العربية بالمغرب، السيد أحمد نهاد عبد اللطيف، بعد أن حظي الفيلم بإعجاب جماهيري لافت خلال عرضه ضمن فعاليات مهرجان مراكش الدولي للسينما. ويُعد هذا العرض هو الثاني وطنيًا بعد مهرجان مراكش.

وشهدت القاعة حضور عدد من الشخصيات السامية، إلى جانب سفراء أجانب معتمدين بالرباط، وفنانين ومثقفين وإعلاميين، عبّروا عن إعجابهم الكبير بالعمل السينمائي وبالمستوى الفني الراقي الذي قُدمت به سيرة كوكب الشرق أم كلثوم، سواء من حيث الإخراج أو الأداء أو المعالجة الدرامية الحديثة، معتبرين الفيلم إضافة نوعية للسينما العربية.
وقبيل انطلاق العرض السينمائي، ألقى السفير المصري كلمة بالمناسبة، استهلها بتقديم خالص التعازي والمواساة إلى جلالة الملك محمد السادس، وإلى الحكومة والشعب المغربي، على إثر فاجعة الفيضانات التي شهدتها مدينة آسفي، معبرًا عن التضامن الكامل مع المغرب في هذا المصاب الأليم.
كما هنّأ المملكة المغربية بمناسبة تسجيل القفطان المغربي رسميًا ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو، معتبرًا ذلك تتويجًا مستحقًا لرمز من رموز الهوية والحضارة المغربية. وفي السياق ذاته، أشار إلى أن الطبق المصري الشهير “الكشري” بدوره تم إدراجه ضمن قائمة اليونسكو، في دلالة على غنى وتنوع الموروث الثقافي العربي.
ويستعرض فيلم “الست” السيرة الفنية والإنسانية لكوكب الشرق أم كلثوم، إحدى أبرز أيقونات الغناء العربي في القرن العشرين، من خلال معالجة درامية حديثة تعتمد البناء الزمني المتداخل، حيث يبدأ الفيلم عام 1967، عندما تستعد أم كلثوم للصعود إلى مسرح الأولمبيا في باريس في واحدة من أهم حفلاتها العالمية، قبل أن يعود بالسرد إلى طفولتها في قريتها بمحافظة الدقهلية، حيث برز صوتها القوي والاستثنائي في سن جد مبكرة.
ويتناول العمل انتقالها إلى القاهرة رفقة والدها الشيخ إبراهيم البلتاجي، والصعوبات التي واجهتها في مجتمع محافظ، وصراعها لفرض ذاتها كامرأة في الوسط الفني، كما يتوقف عند علاقتها بكبار الملحنين، وعلى رأسهم محمد القصبجي، وتأثير هذه العلاقات على تطور شخصيتها وصوتها، إضافة إلى تسليط الضوء على علاقتها بفرقتها الموسيقية، والسياق السياسي والاجتماعي الذي عاشت فيه، ودورها الوطني خلال فترات المد القومي في الخمسينيات والستينيات، لينتهي الفيلم بصورة إنسانية توثق نضوجها الفني وتأثيرها العميق في وجدان ملايين المستمعين في العالم العربي.
ويُعد “الست” أول إنتاج سينمائي روائي ضخم يقدم سردًا متكاملًا لحياة أم كلثوم، بعد عقود من الأعمال الوثائقية والمسلسلات التلفزيونية التي تناولت مسيرتها. وقد استغرق التحضير للفيلم عدة سنوات، وتم تشييد ديكورات كاملة لحقب زمنية مختلفة تمتد من عام 1910 إلى سبعينيات القرن الماضي، مع الاستعانة بفريق متخصص في الأزياء التاريخية لإعادة إنتاج إطلالاتها الشهيرة بدقة عالية، فيما بلغت ميزانية الفيلم حوالي ثمانية ملايين دولار أمريكي.
وعقب انتهاء العرض السينمائي، أُقيم حفل استقبال على شرف الحضور، تم خلاله تقديم الطبق المصري الشهير “الكشري”، في بادرة رمزية لاقت استحسان الضيوف، وجسدت روح التقارب الثقافي بين المغرب ومصر، لتتحول الأمسية إلى لحظة احتفاء بالسينما، والذاكرة الفنية العربية، والتبادل الحضاري بين البلدين.
للتوصل بمستجدات الموقع كل يوم على بريدكم الالكتروني المرجو التسجيل في نشرتنا البريدية.