سيول تُغرق آسفي وتعرّي هشاشة التدبير…

لم تكن الأمطار الغزيرة التي شهدتها مدينة آسفي مساء الأحد مجرد حالة جوية عابرة، بل تحولت في ظرف ساعات إلى كارثة حقيقية خلّفت خسائر مادية جسيمة، وأدخلت ساكنة عدد من الأحياء في لحظات من الخوف والهلع. فقد اجتاحت السيول الجارفة شوارع وأزقة المدينة، متسببة في شلل شبه تام لحركة السير، بعدما فاض واد الشعبة محمّلاً بكميات كبيرة من مياه الأمطار، زاد من حدتها انسداد قنوات الصرف، لتغرق الأحياء وتتحول بعض المقاطع إلى مجارٍ مائية عشوائية لا ترحم.

وعاشت أحياء سيدي بوزيد والدبرة والمدينة القديمة واجنان فسيان أوضاعاً وُصفت بالمرعبة، حيث غمرت المياه المنازل والمحلات التجارية، خاصة بمنطقة سيدي بوالذهب، مخلفة خسائر ثقيلة في الممتلكات والسلع. وفي ظل هذا الوضع، وجد عدد من المواطنين أنفسهم محاصرين داخل بيوتهم، ما دفع شباب الأحياء إلى التدخل بشكل تلقائي لإنقاذ الأرواح، في مشهد يعكس روح التضامن بقدر ما يفضح غياب التدخل الرسمي في اللحظات الحرجة. أما التجار، فقد استقبلوا صباح اليوم الموالي محلات شبه فارغة، بعد أن جرفت السيول بضائعهم دون رحمة.

وأمام هول ما وقع، لم تُخفِ الساكنة والتجار غضبهم، موجهين أصابع الاتهام مباشرة إلى الجهات المسؤولة التي ظلت، بحسب تعبيرهم، في موقع المتفرج رغم علمها المسبق بهشاشة البنية التحتية، ورغم توالي النشرات الإنذارية التي كان يفترض أن تُفعّل معها لجنة اليقظة وتُتخذ إجراءات استباقية. كما أثار الغياب شبه التام للوقاية المدنية إلى ما بعد وقوع الكارثة موجة استياء واسعة، دفعت المتضررين إلى المطالبة بتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات، إلى جانب إقرار تعويضات عادلة عن الأضرار، حتى لا تتحول كل زخات مطرية قوية إلى مأساة متكررة بمدينة يفترض أن تحظى بتدبير حضري يليق بحاضرة المحيط.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة

للتوصل بمستجدات الموقع كل يوم على بريدكم الالكتروني المرجو التسجيل في نشرتنا البريدية.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. نفترض أنك موافق على ذلك، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا رغبت في ذلك. قبولقراءة المزيد