في وقت تتسارع فيه التحولات الاقتصادية والرقمية، وتزداد التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الاقتصاد الوطني، يواصل والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، تأكيد مكانته كأحد أعمدة الاستقرار المالي والنقدي في المملكة. فقد قدم، مؤخراً، بين يدي جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، التقرير السنوي للبنك حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم سنة 2024، في موعد بات يمثل محطة سنوية تُجسد الحكامة الرصينة والرؤية المتبصرة لهذا الصرح المؤسساتي.
وفي ظل هذا المشهد، راجت خلال الأيام الماضية بعض الأنباء التي تتحدث عن إعفاء محتمل للجواهري، في سياق حديث عن تقدمه في السن، مع تسريبات تزعم تعويضه بالسياسي نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء. غير أن هذه الأنباء، المتداولة دون سند مؤسساتي، تبدو بعيدة بعض الشيء، خاصة أن البلاد في حاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى الكفاءات المجربة والحكامة المستقرة، لمواكبة استحقاقات كبرى في أفق سنة 2030، وعلى رأسها تنظيم كأس العالم المشترك.
الجواهري، المعروف بدقته، وبعد نظره، سبق أن مرّ بوعكة صحية عابرة قبل اشهر، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أنه في وضع صحي جيد حالياً، ويواصل مهامه بكامل المسؤولية واليقظة، مدعوماً بتجربة فريدة تمتد لعقود، جعلته يحظى باحترام المؤسسات الدولية الكبرى، كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، الذين لا يترددون في الإشادة بتجربته النموذجية في تدبير السياسة النقدية.
وإذا كان المغرب قد قطع أشواطاً مهمة في أوراش الرقمنة وتحديث القطاع المالي، فإن عبد اللطيف الجواهري كان من أوائل المساهمين في إرساء الأسس الصلبة لهذا التحول، من خلال الدفع بمنظومة الأداء الإلكتروني، وتعزيز استقلالية البنك، وضمان الاستقرار المالي في ظل أزمات دولية خانقة.

إن الحديث عن تغييره في هذا التوقيت لا يعدو كونه “مجرد زوبعة في فنجان”، بل قد يعكس محاولات لخلط الأوراق في سياق سياسي دقيق، حيث يشهد المشهد الاقتصادي استعدادات كبرى لتحويل الاستحقاقات المقبلة إلى روافع تنموية تضع المغرب في مصاف الدول ذات الدخل المرتفع.
في المحصلة، يظل الجواهري رقماً صعباً في معادلة الاستقرار الاقتصادي، وتظل إشاعات إعفائه عاجزة عن حجب حقيقة أداءه الرصين ومكانته المرموقة وطنياً ودولياً.
للتوصل بمستجدات الموقع كل يوم على بريدكم الالكتروني المرجو التسجيل في نشرتنا البريدية.