احتضنت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، اليوم الجمعة، ندوة علمية حول موضوع “حضارة الأندلس: جذورها وامتداداتها في المملكة المغربية”، بمشاركة ثلة من الباحثين والأكاديميين.
وشكل هذا اللقاء العلمي، الذي نظمته جمعية “أندالوز” للثقافة والتراث الأندلسي، بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وبشراكة مع المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، مناسبة لتجديد الوعي بالتراث الأندلسي الإنساني الثري، واستكشاف تمثلاته التاريخية والحضارية.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد رئيس جمعية “أندالوز”، توفيق العوفير، أن حضارة الأندلس لم تكن مجرد مرحلة تاريخية، بل شكلت شعلة من النور أنارت العالم لقرون، ولا تزال إشعاعاتها حاضرة في ذاكرة الشعوب، مبرزا أن المغرب كان جزءا أصيلا من هذه الحضارة، وساهم في بنائها وصيانتها.
وأوضح أن الأندلسيين استطاعوا أن يندمجوا في النسيج المغربي، وأن يساهموا في إثراء حضارة المملكة، مشيرا إلى أن الثقافة الأندلسية، بما تحمله من عمق وتنوع، أصبحت جزءا لا يتجزأ من الشخصية المغربية، حيث برزت خصوصياتها في المعمار المغربي، والصناعات التقليدية، والفنون، والعلوم، والأدب، والشعر، والموسيقى، وغيرها من المجالات.
ونوه المتحدث بالدور الريادي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في الصيانة الدستورية للذاكرة الأندلسية، وفي رعاية هذا الموروث الثقافي العريق، سيما عبر العناية بالمدن العتيقة التي تنبض بهذا التراث، أو من خلال تشجيع البحث الأكاديمي حول الأندلس وموروثها، ودعم الفرق الموسيقية الأندلسية.
من جانبه، أكد الفاعل الجمعوي، عبد الحكيم الهلالي، أن الحضارة الأندلسية “كانت وما تزال منبرا للعيش المشترك، ومنارة للتسامح، وتجربة إنسانية رائدة أغنت وجدان الشعوب وثقافتها، خصوصا على ضفتي البحر الأبيض المتوسط”.

وأوضح أن المغرب احتضن هذا التراث الوافد باحتفاء خاص، واستوعبه ضمن نسيجه الثقافي والحضاري، بفضل سياسة الانفتاح والتسامح التي ميزت ملوك المغرب الذين رأوا في الوافدين من أهل الأندلس حملة علم وثقافة، فأوكلوا إليهم مهام جليلة في ميادين القضاء والتعليم والعمران والإدارة والفن.
وأضاف أن حضارة الأندلس أضحت مكونا أساسيا من مكونات الهوية المغربية، إذ تشهد العديد من مدن المملكة على هذا التفاعل الخلاق، الذي أغنى الشخصية المغربية.
واستعرضت الندوة الجوانب المتعددة للتراث الأندلسي من خلال أربعة محاور رئيسية، شملت البعد الحضاري المشترك بين المغرب والأندلس، والرؤية النقدية لمكانة الأندلس في الاستشراق، والهجرات الموريسكية إلى المغرب، وتدريس تراث الأندلس وآفاق العلاقات الثقافية في المنطقة المتوسطية.
وتميز هذا اللقاء بتنظيم حفل موسيقي أندلسي أحيته فرقة “كورال أندالوز” للموسيقى الأندلسية، تحت إشراف الفنان مولاي هشام البلغيتي، في لحظة فنية عكست امتداد هذا التراث الموسيقي الضارب في أعماق الثقافة المغربية.
للتوصل بمستجدات الموقع كل يوم على بريدكم الالكتروني المرجو التسجيل في نشرتنا البريدية.