لماذا يفضل المستهلك المغربي البضاعة الأجنبية !

مصطفى قطبي

برغم زخم الوعظ والإرشادات والنصائح والتمنيات بالإقبال على البضاعة المغربية وأهمية تغليبها في الاقتناء على البضاعة الأجنبية، إلا أن هذه التوجهات تظل عند حدود متواضعة وضمن معدل منخفض من قناعات المستهلك الذي غالباً ما يفضل البضاعة الأجنبية، بل إن هناك العديد من المستهلكين يتفاخرون بهذا الاقتناء مبررين مواقفهم بأن البضاعة الأجنبية هي الأجود والأحسن والأكثر قابلية على المطاولة في الاستخدام المنزلي. نحن في المغرب، ماهرون حقا في الدفاع عن الصناعة الأجنبية، نحن بحاجة ماسة إلى أن ندرك بإخلاص حقيقي أن جودة البضاعة المغربية، أية بضاعة مرهونة أصلا بمدى اتساع اقتنائها لأن الكساد يبقي على نموذجها المصنع في المعمل، في حين أن الإقبال عليها يدفع باتجاه البحث في تطويرها من أجل إدامة زخم المبيعات، وهكذا يكون المستهلك مساهماً فعلياً في تطوير أية بضاعة صناعية ويكون مروجاً ناجحاً في الوسط الاجتماعي حين يشير إلى محاسن ما يمتلكه منها خلال تجربة الاستخدام.

ثم لماذا لا يأخذ المستهلك المغربي بعين الاستيعاب معيار الجودة وفق مقياس الآيزو على البضاعة المغربية، في حين يضع ذلك معياراً مبرراً للإقبال على البضاعة الأجنبية، مع أن مقياس الجودة على وفق هذا المعيار واحد في كل الحالات، لأن له شروطه التي تطبق على البضاعة، أية بضاعة بغض النظر عن المنشأ. إن واحداً من أهم متطلبات النهوض الصناعي الدائم أن يضع المستهلك المغربي بحسابه أن بضاعة بلده أو ضمن المصلحة الاقتصادية الوطنية ينبغي أن تتصدر الأفضلية في قرار الانتقاء، ذلك لأن أخذه بهذا الاعتبار يجعله مساهماً جاداً في تقليص ضغط البطالة بحكم أن اتساع الإنتاج مرهون باتساع الطلب عليه، وبالتالي أن ذلك يدفع إلى فتح قنوات للتطوير مما يستدعي توظيف عمال آخرين، بل إن الإقبال على البضاعة المغربية يمثل أيضاً عاملا حاسماً في استقرار العملات المحلية، والحفاظ على معدل مقبول من الاحتياطي المالي الأجنبي التي قد يستنفد بسبب سعة الاستيراد.

اشهار وسط المقالات

ولا شك أن البضاعة المغربية لا تجد صدى لفرصتها في التسويق الناجح، إذا لم تتوفر لها فرصة التسويق المحلي بصورة أفضل، وكما هو معروف أن المستهلك تهمه مجموعة من العوامل والمبررات التي تجعله يقتني سلعة ما، وأول هذه المبررات والعوامل، الجودة العالية للمنتج، التي تكسبه القوة والمكانة والثقة لدى المستهلك، وثانيها: الترويج والتسويق والتعريف به، حيث تمثل وسائل الإعلام المحلية المختلفة المقروءة والمرئية والمسموعة أداة توصيل كبيرة وموثوقة للتعريف بالمنتج ومزاياه، ومواصفاته ومدى جودته، فالترويج والتسويق عنصر أساسي ومهم في تقديم فوائد المنتج، وجذب اهتمام الزبائن أو المستهلكين، مع أهمية أن يصاغ التسويق أو الترويج بأسلوب إقناعي لحمل جمهور المستهلكين الموجَّه إليهم على قبول المنتج المروَّج له.

وثالثها: يجب أن يكون التسويق والترويج جزءًا مهمًّا ومن صميم عمل المصنع أو المؤسسة المقدمة للخدمة، ورابعها: من حق المستهلك إعلامه بالمنتج أو بالخدمة، وبمواصفاتها ومميزاتها، وأسعارها وأماكن وجودها، وذلك عبر القنوات الإعلامية والتسويقية والترويجية المحلية المعروفة، فضلًا عما يمثله هذا الترويج والتسويق المستمر من تذكير للمستهلك وربطه بالمنتج أو الخدمة أو على الأقل امتلاكه المعلومة. وخامسها: إن أهمية الترويج والتسويق للسلعة أو الخدمة هي أهمية وطنية، بحيث تبني لدى جمهور المواطنين ثقافة استهلاكية جوهرها الأولوية للمنتج الوطني، وأن هذه الأولوية لها انعكاساتها الإيجابية من حيث تعزيز مكانة الاقتصاد المغربي ونموُّه وتطوُّره، وإضفاء القوة والجودة على المنتج المغربي، وتوسيع النشاط التجاري للمصانع والمؤسسات المغربية، وتمكينها من تحقيق أرباح جيدة، وكذلك توفير فرص عمل للباحثين عنه أمام شبابنا. وسادسها: الحد من الواردات وما يستتبع ذلك من ضرائب ورسوم وغير ذلك، وفي المقابل زيادة المبيعات للمنتج المغربي، مع أهمية مراعاة الأسعار بحيث تبقى تنافسية، وفي متناول المستهلك. وسابعها: فتح فرص جيدة أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك تشجيع الشباب على القيام بمبادرات ومشروعات فردية، أو تأسيس مؤسسات صغيرة أو متوسطة في مجال التسويق والتوزيع، أو تقديم خدمات مساندة للمصانع والمؤسسات الكبرى.

إن المنافسة التجارية المتوحشة التي تحكم أسواق العالم في الوقت الحاضر تتطلب من أي مواطن مغربي أن تحكمه إرادة تفضيل بضاعة بلاده، وهكذا يكون قد وضع قدمه على الطريق الصحيح لحماية اقتصاده الشخصي الذي هو بالضرورة جزء من الاقتصاد الوطني.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة
اترك تعليقا