منتخبون ورجال أعمال يحولون مساعدات رمضان إلى ساحة معركة سياسية

يُفترض أن يكون شهر رمضان فرصة لتجسيد معاني التضامن والتآزر بين مختلف فئات المجتمع، لكنه في المغرب، وكما هي العادة، يتحوّل عند بعض المنتخبين إلى موسم انتخابي بامتياز، حيث تتلبّس “قفة رمضان” و”المساعدات الإنسانية” ثوب الدعاية السياسية المبطّنة. تقارير حديثة صادرة عن مصالح “الشؤون الداخلية” في بعض العمالات كشفت عن تورط منتخبين في استغلال العمل الجمعوي لأغراض انتخابية بحتة، عبر ضخّ أموال طائلة في عمليات توزيع المساعدات، في سباق محموم لكسب الأصوات قبل موعد الانتخابات لعام 2026.

 

التقارير الواردة من وزارة الداخلية أظهرت حجم الفساد الأخلاقي والسياسي الذي بات ينخر العمل الجمعوي في بعض المناطق، حيث لم يعد الهدف من المساعدات هو التخفيف من معاناة الفقراء بقدر ما صار وسيلة لشراء الولاءات السياسية، و استعراض القوة الانتخابية.

 

لم يقتصر الأمر على توزيع “قفة رمضان” بل امتدّ إلى استعراضات فاضحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قامت بعض الجمعيات بنشر صور لمبالغ نقدية وقسائم شرائية، في استغلال مفضوح لحاجات الفقراء، وتحويل العمل الخيري إلى مزاد سياسي رخيص. الأكثر إثارة للقلق، أن هذه “الحرب الإحسانية” لم تبقَ محصورة بين الأحزاب المتنافسة، بل تحوّلت إلى صراعات داخلية بين المستشارين المنتمين لنفس الهيئات السياسية، بعدما أقدم بعضهم على التدخل في دوائر زملائهم الانتخابية، مما تسبب في احتقان غير مسبوق داخل العديد من المجالس الجماعية. كما أن دخول رجال أعمال ومقاولين على الخط، عبر تمويل جمعيات لتوزيع المساعدات، يكشف عن سعيهم إلى التمهيد لترشحهم.

 

إن استغلال الفقر لتحقيق مكاسب انتخابية هو وصمة عار على جبين كل من يتورط في هذه الممارسات الدنيئة، ويؤكد أن بعض المنتخبين لا يرون في المواطن سوى رقم انتخابي يمكن استمالته عبر القفف والمساعدات الموسمية. أمام هذا العبث، يبقى السؤال: هل ستتخذ وزارة الداخلية إجراءات صارمة ضد هذه التجاوزات ؟

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة