في عالم يزداد فيه الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، نجد أنفسنا أمام مشهد رقمي جديد يعيد تشكيل طريقة تفاعلنا مع الإنترنت. وبنفس الطريقة التي تواجه فيها البطلة “تشيل” في لعبة “بورتال” تحديات أنظمة ذكاء اصطناعي مثل “غلادوس”، يجد المستخدمون أنفسهم الآن أمام أنظمة مبتكرة قد تغير قواعد اللعبة، أبرزها تقنية البحث الجديدة التي أطلقتها شركة “أوبن إيه آي” (OpenAI) في واجهة “شات جي بي تي”.
“شات جي بي تي” يدخل مضمار البحث: خطوة جريئة
في 31 أكتوبر الماضي، أعلنت “أوبن إيه آي” عن ميزة بحث مدمجة في “شات جي بي تي” موجهة للمستخدمين المشتركين بخدمة “شات جي بي تي بلاس” مقابل 20 دولارًا شهريًا. وأكدت الشركة أن هذه الخدمة ستتاح للجميع مستقبلًا. يعتمد النموذج على نسخة مطورة من “جي بي تي-4” معززة بتقنيات جديدة لتحسين الدقة والشفافية.
الميزة الجديدة تتيح للمستخدمين كتابة استفساراتهم في واجهة المحادثة، حيث يقوم النظام بجمع المعلومات من مصادر متعددة على الإنترنت ويعرض الإجابات مدعومة بروابط المصادر. من معرفة توقيت الأحداث الرياضية إلى البحث عن أماكن سياحية، يقدم “شات جي بي تي” تجربة مبسطة ومباشرة خالية من الإعلانات والمحتويات غير المرغوب فيها.
تعاون واسع مع الشركاء الإعلاميين
لتقديم تجربة موثوقة، عقدت “أوبن إيه آي” شراكات مع كبرى المؤسسات الإعلامية مثل “رويترز”، و”فايننشال تايمز”، و“أسوشيتد برس” مما يضمن استخدام بيانات دقيقة ومرخصة. كما أوضحت الشركة أنها استمعت إلى ملاحظات شركائها الناشرين لضمان تقديم محتوى موثوق.
ردود فعل الخبراء: ثورة أم منافسة؟
تفاعل خبراء الذكاء الاصطناعي مع هذه الخطوة الجديدة بشكل إيجابي، حيث وصف “كونر غرينن”، كبير مهندسي الذكاء الاصطناعي بجامعة نيويورك، البحث الجديد بأنه يمثل معيارًا جديدًا للتفاعل مع الإنترنت. وأكد أن “شات جي بي تي” يقدم تجربة فريدة من خلال تقديم إجابات شاملة مع الاستشهاد بالمصادر.
من جانبها، اعتبرت “سابرينا رامونوف”، مؤسسة شركة تقنية متخصصة في الذكاء الاصطناعي، أن الاعتماد على أدوات مثل “شات جي بي تي” أصبح أكثر جاذبية مقارنة بمحرك بحث “غوغل”. ومع ذلك، ترى أن “غوغل” قادرة على تطوير تقنياتها لمواكبة هذا التحدي.
هل يستطيع “شات جي بي تي” كسر هيمنة “غوغل”؟
رغم أن “شات جي بي تي” يقدم نموذجًا جديدًا في البحث الرقمي، إلا أن خبراء مثل غرينن يشيرون إلى أن الهيمنة الهائلة لـ**”غوغل”** على السوق، والراحة التي يجدها المستخدمون في استخدامه، تجعل من الصعب كسر هذا الاحتكار بسهولة.
مع ذلك، يشير غرينن إلى أن محرك البحث التقليدي لـ”غوغل” قد يتلاشى بفعل التغييرات التي قد تضطر الشركة إلى إدخالها للتنافس مع “شات جي بي تي” وأدوات مشابهة مثل “بربليكسيتي”. التحدي الأكبر لـ**”غوغل”** يكمن في التوفيق بين استراتيجيتها الإعلانية وتحقيق تجربة مستخدم متطورة.
مستقبل البحث بين “غوغل” و”شات جي بي تي“
بينما تقدم “أوبن إيه آي” نموذجًا تفاعليًا للبحث، تظل هناك تحديات، أبرزها مشكلة “هلاوس الذكاء الاصطناعي”، حيث قد يقدم النظام معلومات غير دقيقة. ورغم أن الشراكات مع المؤسسات الإعلامية تقلل من هذا الخطر، يبقى التحدي قائمًا.
في النهاية، يبدو أن سباق البحث الرقمي قد بدأ، وبينما تستعد “غوغل” للرد على هذا التحدي، يظل المستخدمون المستفيد الأكبر من هذه المنافسة التي تعد بمستقبل أكثر ذكاءً وابتكارًا في عالم البحث الرقمي.