كما كان منتظراً، ظهرت حكومة عزيز أخنوش الثانية بوجوه جديدة لأول مرة “تمارس السياسة” وبهيكلة جديدة وإضافات وتغييرات في الاختصاص. لا شك أن هناك إيجابيات متعددة لهذا التعديل، لعل من أهمها إعطاء دينامية جديدة للحكومة بعد ثلاث سنوات شبه عجاف، خاصة فيما يخص التعامل مع المستجدات الداخلية. لكن هناك علامات استفهام واضحة وظاهرة تشير إلى نوع من تحبيذ الولاء الشخصي على الكفاءة والاختصاص.
بل إن هناك نوعاً من الاستغراب والتعجب في تكليف مقربين ورجال على رأس قطاعات حيوية واستراتيجية ليس لها أية علاقة باختصاصاتهم. ويأتي على رأس هذه القطاعات، قطاع الصحة والحماية الاجتماعية، والذي يشهد تحولات استراتيجية، والذي كُلف به مقرب من رئيس الحكومة واحد الأطر التي عملت في مجموعته الاقتصادية الخاصة، أمين الطهراوي.
قد يكون الطهراوي إطاراً مميزاً في مجال إدارة الأعمال والشركات وتنسيق ديوان رئيس الحكومة، لكن ليس هناك ما يشير إلى قدرته وكفاءته على تفعيل الاستراتيجية الملكية في مجال الحماية الاجتماعية وإصلاح القطاع الصحي، فالمجال بعيد عن تخصصه. فمن المستغرب تعيين الطهراوي المعروف في مجالات الإدارة والأعمال، والبعيد كل البعد عن مجال الطب أو الصحة في منصب وزير الصحة والحماية الاجتماعية.
بدأ أمين الطهراوي مسيرته المهنية في Attijari Finances Corp قبل أن ينتقل إلى مجموعتي “أكوا” و”أكسال”، حيث تبوأ مناصب مسؤولية عديدة قبل أن يُعين في منصب رئيس ديوان وزارة الفلاحة آنذاك، عزيز أخنوش، ثم أمين عام لرئاسة الحكومة مؤخراً.
وفي نفس الإطار، يحضر اسم سعد برادة والذي عُين على رأس أهم القطاعات الحكومية، إن لم يكن القطاع الأهم والمؤسس، قطاع التعليم، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، خلفاً لبنموسى. قادماً من مجال إدارة الأعمال، فهو مالك شركة «ميشوك» المتخصصة في الحلويات و”فارما بروم” المتخصصة في صناعة الأدوية، ومؤسس لشركات تنتمي لقطاع الصناعات الغذائية ومتخصصة في تصنيع وتعبئة وتسويق الحليب الطازج والمبستر ومنتجات الألبان الطازجة. أكيد لن تسعفه هذه المسيرة الناجحة في مواجهة التحديات التي تواجه قطاع التربية والتعليم، المتعثر في استراتيجيات الإصلاح المتعددة والمتناقضة، ولعل أغلب التكليفات نحت في هذا الاتجاه.
لكي لا نكون سوداويين، لابد من إبراز بعض الاختيارات المميزة والتي يُنتظر منها أن تبصم على دينامية خاصة في المجالات التي أُنيطت بها مسؤولية تسييرها. وكمثال على ذلك، عز الدين ميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار الجديد. ترأس عز الدين ميداوي جامعة ابن طفيل بالقنيطرة ومؤتمر رؤساء الجامعات منذ 2015، وهو معروف بإسهاماته ومجهوداته في تحديث المناهج وتطوير البنية التحتية ودعم البحث العلمي وتعزيز التعاون مع المؤسسات الأكاديمية الوطنية والدولية.
ونفس الأمر بالنسبة لـ أمل الفلاح السغروشني، وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة الجديدة، الحاصلة على دكتوراه في تكنولوجيا المعلومات، من مختبر ماسي ومن جامعة بيير وماري كوري، وشهادة التأهيل للإشراف على أعمال البحث في مجال الذكاء الاصطناعي بجامعة السوربون بفرنسا، والخبيرة في تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، والرئيسة التنفيذية للمركز الدولي للذكاء الاصطناعي بالمغرب التابع لجامعة محمد السادس المتعددة التخصصات التقنية، وأستاذة جامعية بكلية العلوم والهندسة بجامعة السوربون.