في ظل تزايد ظاهرة التسعيرة الموحدة في معظم الأنشطة التجارية بالمغرب، بدأت أصابع الاتهام تتوجه نحو الجمعيات المهنية التي تحولت إلى لوبيات حقيقية تتواطأ لرفع الأسعار وامتصاص جيوب المستهلكين. يُلاحظ أن أي قطاع اقتصادي توجد فيه جمعية مهنية، يظهر فيه أيضاً اتفاق جماعي على رفع الأسعار، سواء كان سرياً أو علنياً، من أعلى الهرم إلى أسفل القاعدة.
حيث أن بعض الجمعيات المهنية، التي أنشئت لتحقيق أهداف تنظيمية وتحسين أوضاع المهنيين، أصبحت تعمل الآن وفق أجندات تخالف القوانين الجاري بها العمل، ولا سيما قانون حرية الأسعار والمنافسة. هذا القانون، الذي يحظر أي اتفاقات على رفع الأسعار أو تخفيضها، كما ينص على أن أي عمل مدبر أو تحالف صريح أو ضمني يهدف إلى عرقلة المنافسة أو تحريف سير السوق هو مخالف للقانون.
ورغم ذلك، فإن عدد من الجمعيات المهنية في المغرب تسهم بشكل كبير في فرض تسعيرات موحدة، متجاهلة القوانين التي تمنع الاتفاقات على رفع الأسعار. هذا الأمر يثير القلق من أن هذه الجمعيات قد تتحول إلى أدوات لتعطيل المنافسة الحرة ورفع الأسعار بشكل غير مبرر.
وحتى الأنشطة التي تستفيد من الدعم، مثل محلات غسل السيارات والحمامات التقليدية، لم تسلم من هذه الظاهرة. ومع تزايد الزيادات في الأسعار، يتساءل المواطنون عن مدى قدرة الجهات الرقابية على السيطرة على هذه الظاهرة التي تؤثر سلباً على قدرتهم الشرائية.
إذا كانت الحكومة جادة في تفعيل المنافسة في السوق المغربية، يجب عليها التدخل بشكل أكثر فاعلية لمراقبة الجمعيات المهنية وضمان التزامها بالأهداف التي أُنشئت من أجلها. فالسعر في السوق الحرة يجب أن يتحدد وفقاً لـ قانون العرض والطلب وليس بإملاء من المنظمات المهنية.
الظاهرة الحالية تُهدد بإخلال التوازن في السوق الاقتصادية، وقد تؤدي إلى القضاء على التنافسية في قطاعات مختلفة، بما في ذلك القطاع غير المهيكل. كما أن تزايد هذه الظاهرة يبرز الحاجة الملحة لتحرك جاد من مجلس المنافسة والجهات المعنية لضمان تطبيق القوانين وتفعيل الرقابة على الأنشطة الاقتصادية.