الحسان الداودي، الحنين المتجدد لابن طرفاية الذي سار في ركاب المسيرة الخضراء

(عادل بلمعلم و م ع)

” الخير كله جاء مع المسيرة الخضراء “. بهذه الصيغة يحلو للحسان الداودي أن يوجز عهدا جديدا بدأ مع المسيرة الخضراء المظفرة التي وصلت جنوب المغرب بشماله.

 

ففي عقده التاسع، يستعيد هذا السائر في ركاب المسيرة من مدينة طرفاية، أطوار “ملحمة تاريخية عظيمة سلاحها القرآن والإيمان الراسخ بعدالة قضية”، مجلا دلالاتها الإنسانية والوطنية، ودورها الحاسم في مسار الكفاح من أجل استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية للمملكة.

 

ويروي الداودي، بحماس وفخر، كيف استقبل إلى جانب إخوانه بطرفاية أولى قوافل المتطوعين القادمة من مختلف أرجاء المملكة، وكلهم متفائلون، مسلحون بقوة الإيمان، همهم الوحيد تلبية نداء الوطن، نداء مبدع هذه المسيرة العظيمة، المغفور له الملك الحسن الثاني. كما استحضر مشاركة العديد من المتطوعين من الدول العربية والأجنبية ، تعبيرا منهم عن إيمانهم بعدالة القضية الوطنية.

 

وفي بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء، تنبعث تلك اللحظات الخالدة حية راسخة بتفاصيلها والأجواء المفعمة بالفرح والابتهاج، بداية من عملية التسجيل، حيث اصطف المواطنون في طوابير بمجموع أرجاء المملكة للظفر بشرف المشاركة في هذه الملحمة، قبل أن يأتي الخطاب الملكي السامي ليعلن عن انطلاق المسيرة الخضراء، حيث توجهت قوافل المتطوعين والمتطوعات، نحو مدينة طرفاية، نقطة التجمع.

 

لقد كانت لحظة تاريخية، يقول السيد الداودي، تجددت فيها بواعث الأخوة والمحبة، واختلطت فيها النشوة الروحية مع الوطنية الصادقة. “التقينا مع إخواننا الذين قدموا من مختلف أرجاء البلاد، وكلهم ثقة تامة أنهم في مهمة وطنية نبيلة”.

 

تحدث الحسان الداودي عن عملية نقل المتطوعين من شمال البلاد إلى مدينة مراكش، ومنها إلى أكادير على متن الشاحنات والحافلات، قبل التوجه إلى طانطان ومن تم طرفاية. يتذكر وجوها مستبشرة نضرة من أطقم طبية وتمريضية ومرشدين اجتماعيين وأطر في اختصاصات مختلفة لتقديم الدعم والمساعدة. لا زال يبارك تلك الجهود الكبيرة المبذولة، بتعليمات من جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، من أجل توفير كل الظروف للحفاظ على سلامة المشاركين، حيث تم تسخير العديد من سيارات الإسعاف، وعدد هام من الشاحنات التي كانت تتنقل يوميا بين وسط البلاد وطانطان وطرفاية لنقل المواد الغذائية والأدوية.

 

وجاء اليوم الموعود والإعلان المنتظر لجلالة المغفور له الملك الحسن الثاني لانطلاق هذه المسيرة العظيمة، حيث انطلقت هذه الحشود في انتظام مشيا على الأقدام، في اتجاه النقطة الحدودية مع الصحراء “الطاح”، ليتم اقتحام هذه النقطة الوهمية، رافعين المصاحف القرآنية والأعلام الوطنية وصور جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، مرددين شعارات حماسية تبارك المسيرة الخضراء، وتشدد على مغربية الصحراء.

 

ولم يفوت السيد الداودي الفرصة للإشادة والتنويه بشكل خاص بالدور الذي اضطلعت به النساء في إنجاح هذه المسيرة، واللواتي كن يشكلن 10 في المئة من المتطوعين (350 ألفا)، لاسيما على مستوى إعداد الطعام وتقديم المساعدة، والدعم المعنوي، إلى جانب الانخراط بإيمان راسخ وقوي بعدالة القضية الوطنية، وبهدف لا رجعة فيه استرجاع كل شبر مغتصب من البلاد واستكمال وحدتها الترابية.

 

وبعد اختراق الحدود الوهمية عبر مركز “الطاح”، يصف السيد الداودي كيف تم تثبيت العلم المغربي فوق بنايته، قبل أن تواصل حشود المتطوعين والمتطوعات بحماس كبير زحفها فوق رمال الصحراء، والهتافات تتعالى بالتكبير والتهليل، في مشهد مهيب، عجز من خلاله المحتل القيام بأي شيء.

 

واستمر المقام إلى أن جاء القرار الملكي بالتوقف والعودة، والإعلان عن تحقيق المسيرة الخضراء لأهدافها بتحرير هذه المناطق العزيزة على قلوب جميع المغاربة، والتي شكلت بحق ملحمة تاريخية ستدرس للأجيال القادمة، ويتحدث العالم من خلالها عن الشجاعة والوطنية المنقطعة النظير للمغاربة، الذين لبوا بفخر واعتزاز نداء الوطن، مؤكدين تجندهم الدائم وتشبثهم الخالد بأهداب العرش العلوي المجيد.

 

لم يتردد السيد الداودي أبدا عن خوض هذه المغامرة الوطنية، وها هو اليوم يسترجع تلك الأيام بحس الفخر، ممتنا للقدر الذي سخر له الانخراط في لحظة تاريخية من هذا الحجم. كلما حلت ذكرى المسيرة الخضراء أو سمع الأغاني التي تغنت بهذه الملحمة الوطنية إلا وغالبته الدموع، وشعر بالحنين إلى تلك الأيام، وإلى تلك المناطق العزيزة، والتي كتب له أن يحررها رفقة 350 ألف متطوع بالقرآن الكريم وحب الوطن

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة

للتوصل بمستجدات الموقع كل يوم على بريدكم الالكتروني المرجو التسجيل في نشرتنا البريدية.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. نفترض أنك موافق على ذلك، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا رغبت في ذلك. قبولقراءة المزيد