أكدت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أن تخليد الذكرى 50 للمسيرة الخضراء المظفرة في أجواء فتح جديد في مسار ترسيخ مغربية الصحراء، على أساس مبادرة الحكم الذاتي، يشكل استحضارا لفصول مسيرة سلمية وشعبية مكنت من استرجاع الصحراء المغربية، وعززت تشبث سكانها بمغربيتهم وتعلقهم بمقدسات الوطن في إطار روابط البيعة القائمة عبر التاريخ بين سكان الصحراء وملوك المغرب.
وذكر بلاغ للمندوبية أنه بكل مظاهر الاعتزاز والإكبار، وفي أجواء الحماس الوطني الفياض والتعبئة الشاملة والإشادة باعتماد مجلس الأمن القرار رقم 2797 بتاريخ 31 أكتوبر 2025، الذي يكرس وجاهة المقترح المغربي للحكم الذاتي ضمن السيادة الوطنية، كحل عادل ودائم لقضية وحدتنا الترابية، يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير، غدا الخميس، من طنجة إلى الكويرة، ذكرى من أغلى وأعز الذكريات المجيدة في مسلسل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية.
وجاء في البلاغ “إنها الذكرى 50 للمسيرة الخضراء المظفرة، التي أبدعتها عبقرية الملك الموحد، جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، وانطلقت فيها جماهير المتطوعات والمتطوعين من كل فئات وشرائح المجتمع المغربي ومن سائر ربوع الوطن، ومعهم وفود عدد من البلدان الشقيقة والصديقة، في مثل هذا اليوم من سنة 1975، بنظام وانتظام، في اتجاه واحد صوب الأقاليم الصحراوية المغربية لتحريرها من براثن الاستعمار الإسباني، بقوة الإيمان وبأسلوب حضاري سلمي فريد من نوعه، أظهر للعالم أجمع صمود المغاربة وإرادتهم الراسخة في استرجاع حقهم المسلوب وعزمهم وإصرارهم على إنهاء الوجود الأجنبي والتسلط الاستعماري، بتماسكهم والتحامهم قمة وقاعدة، حيث حققت المسيرة الخضراء المظفرة أهدافها وحطمت الحدود المصطنعة بين أبناء الوطن الواحد، سلاحها كتاب الله، والذود عن حمى الوطن وحياضه، والتمسك بالفضيلة وبقيم السلم والسلام في استرداد الحق المسلوب والدفاع عنه”.
وسجل أن المسيرة الخضراء أظهرت للعالم أجمع بالحجة والبرهان مدى التلاحم الذي جسدته عبقرية ملك مجاهد وشهامة شعب وفي، وتصميم كافة المغاربة من تخوم الجنوب إلى أقصى الشمال على استكمال استقلالهم الوطني وتحقيق وحدتهم الترابية، سلاحهم في ذلك يقينهم بعدالة قضيتهم وتجندهم وتعبئتهم للدفاع عن مقدساتهم الدينية وثوابتهم الوطنية وذودهم عن حوزة التراب الوطني المقدس، تحذوهم الإرادة الحازمة لتحقيق وحدتهم التي عمل المستعمر الأجنبي بكل أساليبه على النيل منها، إلى أن عاد الحق إلى أصحابه، وتحقق لقاء أبناء الوطن الواحد، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه.
وأضاف أن المغرب قدم جسيم التضحيات في مواجهة الاحتلال الأجنبي الذي جثم بثقله على التراب الوطني قرابة نصف قرن، وقسم البلاد إلى مناطق نفوذ موزعة بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب، والحماية الإسبانية بشماله، والنفوذ الاستعماري على أقاليمه الجنوبية، فيما خضعت منطقة طنجة لنظام حكم دولي. وهذا ما جعل مهمة تحرير التراب الوطني صعبة وعسيرة، بذل العرش والشعب في سبيلها تضحيات كبرى ورائعة في غمرة كفاح وطني متواصل الحلقات، طويل النفس، ومتعدد الأشكال والصيغ، لتحقيق الحرية والاستقلال والوحدة والخلاص من ربقة الاستعمار إلى أن تحقق النصر المبين والهدف المنشود بانتصار الشرعية والمشروعية التاريخية وعودة بطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس والأسرة الملكية الشريفة من المنفى إلى أرض الوطن، مظفرا منصورا في 16 نونبر 1955، حاملا لواء الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية، وداعيا رحمه الله لمواصلة الجهاد الأصغر بالجهاد الأكبر من أجل بناء وإعلاء صروح المغرب الجديد، البازغ والناهض والمتقدم.
وأبرز أن انتهاء عهد الحجر والحماية لم يكن إلا بداية لملحمة الجهاد الأكبر الاقتصادي والاجتماعي وإعلاء صروح الوطن، الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة من نير الاحتلال. وفي هذا المضمار، كان انطلاق عمليات جيش التحرير بأقاليمنا الجنوبية سنة 1956 لاستكمال الاستقلال وتحرير الأجزاء المغتصبة من التراب الوطني، واستمرت مسيرة التحرير بقيادة بطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس رضوان الله عليه، بعزم قوي وإرادة صلبة ليتحقق استرجاع إقليم طرفاية في 15 أبريل 1958.
وشدت المندوية على أن المملكة واصلت في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله ثراه، مسيرتها النضالية، حيث تم استرجاع مدينة سيدي افني في 30 يونيو 1969، وتكللت بالمسيرة التاريخية الكبرى، مسيرة فتح غراء في 6 نونبر 1975، التي جسدت عبقرية الملك الموحد الذي استطاع بأسلوب حضاري سلمي وفريد يصدر عن قوة الإيمان بالحق وبعدالة القضية الوطنية، استرجاع الأقاليم الجنوبية، وكان النصر حليف المغاربة، وارتفعت راية الوطن خفاقة في سماء العيون في 28 فبراير 1976، إيذانا بانتهاء فترة الاحتلال والوجود الأجنبي بربوع الصحراء المغربية، وتلاها استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979.
وإن أسرة المقاومة وجيش التحرير، يضيف البلاغ، وهي تعبر عن فخرها واعتزازها بمرور 50 سنة على حدث المسيرة الخضراء المظفرة، و70 سنة على استقلال المغرب، لتشيد بالقرار الأممي القاضي بدعم مفاوضات حل قضية الصحراء المغربية على أساس مبادرة الحكم الذاتي ضمن السيادة الوطنية، باعتباره الإطار الواقعي والوحيد لتسوية النزاع المفتعل.
كما تنوه بهذا المنعطف التاريخي الحاسم الذي يعد تتويجا للمسار الدبلوماسي المتواصل والرفيع المستوى الذي يقوده صاحب الجلالة الملك محمد السادس بحكمة وتبصر وبعد نظر، من خلال ترسيخ المقاربة المغربية لقضية الصحراء على الساحة الدولية، والسعي الموصول من أجل كسب ثقة القوى الكبرى المؤثرة في صناعة القرار، وإقناعها بعدالة ووجاهة الموقف المغربي، وبمصداقية وواقعية مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الواقعي والقابل للتطبيق.
وتجدد كذلك التأكيد، كسائر فئات وشرائح ومكونات الشعب المغربي وأطيافه السياسية والنقابية والحقوقية والشبابية، على تعبئتها المستمرة ويقظتها الموصولة وتجندها الدائم وراء جلالته حفظه الله من أجل تفعيل آليات ومرتكزات الحكم الذاتي في إطار الجهوية المتقدمة، وجعل الأقاليم الجنوبية قاطرة للتنمية والاستقرار والسلم والتعاون الإفريقي.
ووفقا للبلاغ، فإن المندوبية ستنظم، احتفاء بهذه المناسبة المجيدة، يوم غد الخميس، برحاب الفضاء الوطني للذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير التابع لها، مهرجانا خطابيا وندوة فكرية تلقى خلالهما كلمات وعروض وشهادات حول هذا الحدث التاريخي الجيلي والنوعي، الزاخر بالدروس والعبر، والطافح بقيم الوطنية الحقة ومواقف المواطنة الايجابية، والباعث على الاعتزاز بالانتماء الوطني والتمسك بالهوية المغربية.
كما سيتم تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، جريا على التقليد الموصول، وترسيخا للسنة المحمودة، برورا وعرفانا بعطاءاتهم وتضحياتهم ذودا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية.
وستقام، يضيف البلاغ، في سائر جهات وعمالات وأقاليم المملكة أنشطة وفعاليات تربوية وثقافية وتواصلية مع الذاكرة التاريخية الوطنية، تشرف عليها النيابات الجهوية والإقليمية والمكاتب المحلية، وكذا فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير المفتوحة عبر التراب الوطني.
للتوصل بمستجدات الموقع كل يوم على بريدكم الالكتروني المرجو التسجيل في نشرتنا البريدية.