* سعيد الذهبي
أثمنة المحروقات بالمغرب بلغت حدود الوقاحة الاقتصادية. فبينما ينخفض ثمن البرميل عالميا، تبقى الأسعار عندنا معلقة في السماء، كأننا نستورد النفط من كوكب آخر.
التحرير الذي رُوّج له كإصلاح تاريخي لم يكن سوى فخّ مُحكم: فقد قُدّم للمغاربة على أساس شرط واضح أن تنخفض الأسعار داخلياً عند انخفاضها عالمياً لكن الواقع أثبت أن الشرط سقط وبقي الجشع قائماً.
منذ ذلك التحرير المزعوم، لم يعد المواطن يرى في محطات الوقود سوى أرقام تتصاعد بلا منطق، في حين تتقاطر التقارير الدولية لتؤكد أن السوق المغربي صار أشبه بـ”كارتيل” مغلق، حيث الموزعون يتنافسون في الدعاية لا في الأسعار. كلهم يبيعون بنفس التسعيرة تقريباً، وكأنهم نسخة واحدة في سوق يُفترض أنه حرّ.
الأمر لا يقف عند المحروقات. البنوك والتأمينات تسير على المنوال ذاته: شعارات المنافسة والتعدد تخفي اتفاقاً صامتاً على نهب الجيب المغربي. الفوائد، والعمولات، وأقساط التأمين ترتفع بنمط متوازٍ يثير الشك أكثر مما يثير الثقة.
ومجلس المنافسة، الذي خُلق لحماية الاقتصاد من هذه الاحتكارات، يبدو وكأنه في سبات عميق. صمته اليوم جريمة في حق المستهلك واعتراف ضمني بأن “التحرير” لم يكن إلا تحريراً للربح من كل ضابط ومحاسبة.
النتيجة: سوق حرّ في الاسم، مقيد في الحقيقة، ومواطن يدفع ثمن البنزين وكأنه يموّل خزائن شركات لا تعرف من المنافسة إلا اسمها.
للتوصل بمستجدات الموقع كل يوم على بريدكم الالكتروني المرجو التسجيل في نشرتنا البريدية.