بقلم عبد الهادي مزراري
شهدت البلاد خرجة لمواطنين في شكل مسيرات، يومي السبت والأحد الماضيين، بعدد من المدن المغربية، دعت إليها جهات لم تكشف عن هويتها، واكتفت بالتعبير عن نفسها وراء قناع الدعوة “لإسقاط الفساد”.
بين مؤيد ومعارض لمثل هذه الخرجات في هذا التوقيت بالذات، يظهر من يريد أن يقف عند حدود المطالبة بإصلاحات مشروعة تهم تحسين الخدمات ومواصلة تخليق الحياة العامة، وبين من يهدف إلى الركوب على تلك المطالب لزعزعة استقرار البلاد ودحرها في ليل بلا آخر.
للتمييز بين فريق الدعاة المصلحين الصادقين، وببن فريق دعاة الفتنة لا يحتاج الأمر سوى إلقاء نظرة على الشعارات، التي يرفعها كل فريق ونوع الخطابات التي يروج لها. وبين الفريقين واد من البشر يمشي لأن بنظره الكل سيمشي وهو لا يمشي.
في ما يتعلق بدعاة الإصلاح من أجل الإصلاح معظمهم لا يشارك في مسيرات تدعو إليها جهات مجهولة، وغالبا ما يعبرون عن سخطهم على الوضع بوجه مكشوف، ويتظاهرون في تنسيقيات وجمعيات وأحيانا من داخل بعض الأحزاب والنقابات، كما ينشطون بصفة شبه رسمية عبر مواقع التواصل الإجتماعي وحتى عبر وسائل الإعلام المعترف بها.
وفي ما بتعلق بدعاة الفتنة، فهم لا يكشفون عن وجوههم، يختبئون خلف حسابات وهمية في مواقع التواصل الاجتماعي بهويات مستعارة وبرموز مستفزة، ويطالبون الآخرين للخروج في مسيرات تحت شعارات براقة تسطع بالحقوق والمزايا، وغالبا ما يقدمون أشخاصا في الواجهة يتميزون بالحماسة والغباء ولا يقدرون على قراءة الخطاب من أول السطر.
تعرفهم بشعاراتهم من أثر الحقد على البلاد، من قبيل “لا نريد ملاعب رياضية”، يلوكون مصطلح “المخزن”، كما يفعل جار السوء في خطاباته الرسمية وإعلامه الرسمي وغير الرسمي، يعممون صفة “الفساد” على الجميع ويستعملونها كما لو كانت منجلا بأيديهم يقطع الأخضر واليابس.
تمتلئ خطاباتهم بكمية كبيرة من الحقد على استقرار البلاد، فلا يتورعون عن الدعوة للاضطرابات، ويتظاهرون بشعار السلمية بينما يعبرون عن حقيقتهم في مواقع التواصل الاجتماعي بتدوينات وتعليقات متطرفة وعدوانية وعنصرية وراديكالية.
بعضهم يريد تصفية حسابات عالقة مع السلطة، والبعض الآخر مأجور من جهات معادية تنفخ على الجمر ليصير نارا، والبعض الآخر كاره لكل شيء.
أما المتظاهرون الذين يستجيبون لدعوات هذا الفريق، ويشكلون أودية بشربة، ويمشون في المسيرات ويصيحون بملئ حناجرهم، فمعظمهم من العوام، كل همهم أن يصرخوا لأنهم يشعرون بالضر، وهم مجرد وقود في آلة دعاة التظاهر بخلفية الانقلاب على الاستقرار.
ينضم إلى الحشود تيار آخر من المواطنين لديه مواقف من الحكومة وتحديدا من بعض الأحزاب، فيعتبر المناسبة سانحة ليسوء وجوه بعض المسؤولين غير مبالي بالخطر الذي قد يتسبب فيه للبلاد والعباد.
كذلك هناك جماعات راقدة على الهامش بخلفيات ثقافية ومذهبية وفكرية واجتماعية متضاربة، لكنها تتوحد في الساحات من خلال المظاهرات من أجل مضايقة السلطة.
ختاما لما تقدم يوجد المغرب في قلب تحول كبير، كغيره من الدول يشهد تغييرا مطردا، لكنه بخلاف دول الجوار نجح في احتواء الكثير من المظاهر السلبية، وتجاوز الاخطار التي عصفت بالعديد من الدول منذ اندلاع ما سمي مجازا ب”الربيع العربي”، حالها اليوم أسوأ مما كانت عليه في الماضي.
لكن هناك من لا يريد للمغرب أن يمضي في طريق الاستقرار، ويعمل بكل ما في وسعه لإيقاف مسيرته التنموية بمسيرات ملغومة.
طابت اوقاتكم
للتوصل بمستجدات الموقع كل يوم على بريدكم الالكتروني المرجو التسجيل في نشرتنا البريدية.