الشركات الصينية بالمغرب: تشجيع لصناعتهم… وإهمال لصناعتنا؟

بقلم: يونس ايت الحاج

في خضم تحضيرات المغرب لاحتضان تظاهرتين رياضيتين بارزتين؛ كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، برز حضور قوي للشركات الصينية التي فازت بحصص مهمة من صفقات الأشغال والبنية التحتية.

غير أن ما أثار انتباه العديد من المتتبعين وأرباب شركات تأجير السيارات بالمغرب، هو اشتراط أغلبية هذه الشركات الصينية على وكالات الكراء توفير سيارات صينية حصراً، في عقود طويلة الأمد. ورغم أن هذه السيارات معروفة بأسعارها المناسبة وقدرتها على تلبية المتطلبات اللوجستية، إلا أن هذا التوجه يطرح علامات استفهام كبرى حول تغييب الصناعة الوطنية في ظرف يحتاج فيه الاقتصاد المغربي إلى موارد مالية وإلى تحفيز إنتاجه المحلي.

فالواقع أن الصينيين ـ ومن حقهم ذلك ـ يدافعون باستماتة عن صناعتهم الوطنية، حتى وهم يشتغلون في الخارج. لكن السؤال الجوهري هو: لماذا لا تكون الأولوية للسيارات المصنعة في المغرب، خصوصاً وأن المملكة راكمت خلال السنوات الأخيرة تجربة رائدة في مجال صناعة السيارات، جعلتها تتصدر قائمة الدول الإفريقية في الإنتاج والتصدير؟

إشهار

إشهار

المفارقة أن الشركات الصينية تستفيد اليوم من السوق المغربية وتنجز مشاريع ضخمة تدر عليها أرباحاً كبيرة تُحوَّل في نهاية المطاف إلى الخارج. الأخطر أن هذه الشركات لا تكتفي بالأرباح الناتجة عن الأشغال، بل تفرض أيضاً اقتناء سيارات صينية، مما يعني نزيفاً إضافياً في مخزون العملة الصعبة، إذ تُصرف الأموال بالدرهم ليُحوّل مقابلها من العملة الأجنبية إلى الخارج، ويُضخّ في النهاية في الاقتصاد الصيني، فيما المغرب يكتفي بدور المتفرج!

إن تشجيع المنتوج الوطني ليس شعاراً عابراً، بل هو خيار استراتيجي يدعم الاقتصاد، يحافظ على توازن المعاملات التجارية، ويُحصّن السيادة المالية. فكما يدافع الصينيون عن منتجاتهم بإصرار، فمن باب أولى أن نتمسك نحن بدعم سياراتنا وصناعتنا الوطنية، ليس فقط لتقوية السوق الداخلي، ولكن أيضاً لحماية رصيدنا من العملة الصعبة الذي يُستنزف تدريجياً مع كل اقتناء لسيارات مستوردة.

من هنا، يصبح ضرورياً فتح نقاش وطني واسع حول كيفية الاستفادة الحقيقية من هذه المناسبات التاريخية. فالتظاهرات الرياضية لا ينبغي أن تكون مجرد منصة للبنيات التحتية، بل فرصة لترسيخ مكانة الصناعة المغربية كركيزة للتنمية المستدامة، وضمان أن تكون الأولوية دائماً للاقتصاد الوطني قبل أي اقتصاد آخر.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة

للتوصل بمستجدات الموقع كل يوم على بريدكم الالكتروني المرجو التسجيل في نشرتنا البريدية.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. نفترض أنك موافق على ذلك، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا رغبت في ذلك. قبولقراءة المزيد