جلالة الملك يمدّ يد الحكمة.. ونظام العسكر يرد عبر دمية الانفصال

بقلم:  يونس آيت الحاج

لم تمر سوى ساعات قليلة على الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 26 لعيد العرش المجيد، حتى تكشفت مجددًا نوايا النظام الجزائري، حين جاء الرد على دعوة جلالة الملك محمد السادس للحوار لا عبر القنوات الرسمية، ولا عبر رجال الدولة، بل من خلال أداة مستهلكة فقدت كل مصداقية: جبهة البوليساريو الانفصالية.

 

في خطابه، قدّم جلالة الملك محمد السادس درسًا جديدًا في الحكمة السياسية والنُبل الدبلوماسي، مؤكدًا موقف المملكة الثابت من الشعب الجزائري الشقيق، ومجددًا الدعوة إلى حوار مسؤول، صادق، وقائم على الاحترام المتبادل، لتجاوز الجمود وفتح صفحة جديدة تخدم مصالح شعوب المنطقة المغاربية.

 

لكن، بدل أن تجد هذه الدعوة العقلانية صدى لدى قصر المرادية، اختار نظام العسكر الرد بأسلوبه المعتاد عن طريق الوكالة. وهكذا، خرجت جبهة البوليساريو ببلاغ يكرر نفس الأسطوانة المهترئة عن “استفتاء تقرير المصير”، وكأن عقارب الزمن توقفت عند سبعينيات القرن الماضي، متجاهلين التحولات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن القاضي بإسقاط خيار الاستفتاء نهائيًا من طاولة الحلول.

 

رد الجبهة، الذي جاء بتوجيه مباشر من جنرالات الجزائر، لم يكن سوى محاولة بائسة لتقويض دعوة الملك للحوار، وذلك من خلال تصعيد لفظي أجوف، لا يعبّر عن موقف سياسي، بل عن حالة ارتباك نظام أصبح رهينة أوهام الماضي.

 

اشهار وسط المقالات

إنه لمن المثير للسخرية أن تكون “الدمية الانفصالية” هي من تتولى الرد على مبادرة نبيلة، فيما يلوذ النظام العسكري الجزائري بالصمت، خوفًا من مواجهة المجتمع الدولي، الذي بات أكثر وعيًا بخلفيات النزاع المصطنع حول الصحراء المغربية، وأكثر اقتناعًا بمبادرة الحكم الذاتي التي أيدتها قوى كبرى كأمريكا، فرنسا، إسبانيا، ألمانيا، وبريطانيا، وآخرها البرتغال.

 

هذا السلوك الطفولي من النظام الجزائري يكشف عمق أزمته، وعجزه عن مجاراة منطق الدولة والحوار المسؤول. إذ يفضّل جنرالاته، كالعادة، الاختباء خلف واجهات مستأجرة، بدل تحمل مسؤولياتهم الإقليمية والدولية، في وقت تمر فيه الجزائر بأزمات خانقة، اقتصادياً ودبلوماسياً، وتعيش على وقع عزلة متنامية واحتقان شعبي متصاعد.

 

جلالة الملك محمد السادس، بكامل الرصانة والتبصر، أكد أن المغرب لا يسعى إلى فرض منطق الغلبة، بل إلى حل سياسي “لا غالب فيه ولا مغلوب”. إنها لغة العقل ورجال الدولة، في مقابل منطق العصابات والبيانات المحنطة، الذي ما زال يحكم قصر المرادية.

 

وهكذا، تثبت الأيام مرة أخرى أن المغرب يملك قيادة متبصرة، تُقدّم مصلحة الشعوب على رهانات السياسة الضيقة، بينما لا يزال نظام العسكر حبيس وهم الانفصال، يدير مشهداً عبثيًا لا يصدّقه سوى من فقد البوصلة في دهاليز التاريخ.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة

للتوصل بمستجدات الموقع كل يوم على بريدكم الالكتروني المرجو التسجيل في نشرتنا البريدية.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. نفترض أنك موافق على ذلك، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا رغبت في ذلك. قبولقراءة المزيد