رد عمدة مراكش يشعل جدلًا جديدًا: مشاريع «ورقية» لا تنعكس على واقع الأحياء الهامشية

في خطوة أثارت موجة جديدة من الجدل، خرجت عمدة مدينة مراكش، فاطمة الزهراء المنصوري، برد رسمي على رسالة مواطنة وصفت المدينة بأنها «مهملة»، لكن الرد بدا أقرب إلى استعراض مشاريع وصور رسمية، بدل مواجهة الانتقادات المرتبطة بحياة السكان اليومية.

 

العمدة دعت صاحبة الرسالة إلى جولة «سياحية» عبر شوارع جرى تزفيتها مؤخرًا وملاعب قرب حديثة الإنشاء، في حين يرى سكان أحياء مثل المسيرة والمحاميد ودوار إيزيكي أن مشاكل الإنارة وقنوات الصرف الصحي ما تزال حاضرة بقوة، وأن الطرقات في تلك المناطق أشبه بسطح قمر تعرض لقصف، حسب وصف البعض.

 

وجاء في رد المجلس الجماعي إشادة بمشاريع كبرى مثل موقف سيارات «عالي الطراز»، والغابة الرياضية، والنفق تحت أرضي في سيدي غانم، وهي أوراش يعتبرها المواطنون إما مؤجلة أو غير مكتملة، بينما لا تزال ملفات صيانة مرافق حيوية كالمسبح البلدي حبيسة الرفوف.

 

أما الدعوة للتجول ليلًا بين «العائلات السعيدة»، فاعتبرها منتقدون طرحًا مثاليًا لا يعكس الواقع، إذ يعاني كثير من السكان من ضعف الإنارة العمومية وانتشار الكلاب الضالة، فضلًا عن نقص الفضاءات العمومية النظيفة.

 

وانتقدت أصوات محلية أيضًا الإشارة إلى شارع عبد الكريم الخطابي كإنجاز نوعي، مشيرةً إلى أنه تحول في أول تساقطات مطرية إلى ما يشبه «مسبحًا مفتوحًا»، ما تسبب بخسائر للتجار والمواطنين، وهي أضرار لم تعالجها البيانات الرسمية.

 

ولم تسلم إشادة العمدة بمستوى النظافة من الانتقادات، إذ رأى مواطنون أن المقارنة مع كبريات المدن العالمية مثل باريس غير واقعية، خاصة في أحياء مثل سيدي يوسف بن علي والعزوزية.

 

اشهار وسط المقالات

ورغم تأكيد المجلس الجماعي أن مراكش تحقق أرقامًا قياسية في السياحة وليالي المبيت، يلفت المنتقدون إلى أن هذا النجاح لا ينعكس على تحسين جودة الحياة للسكان، بل يكرس الفجوة بين المدينة السياحية الفاخرة ومراكش الشعبية التي تعاني التهميش.

 

وفي ما يتعلق بالمشاريع البيئية، مثل تعقيم الكلاب الضالة واستخدام المياه العادمة في السقي، يقر المواطنون بأهميتها، لكنهم يرون أن الأولوية يجب أن تكون للخدمات الأساسية: الصحة، التعليم، النقل الحضري، وتحسين الإدارة.

 

وفي ختام ردها، تحدثت العمدة عن «الحياد والموضوعية» في تقييم الإنجازات، لكن الرسالة النقدية تساءلت بدورها عن «حياد» توزيع الميزانيات بين التزيين والتنمية الفعلية، و«موضوعية» الاكتفاء بالترويج لإنجازات لا يشعر بها سكان الأحياء البعيدة عن ساحة جامع الفنا، التي تستقطب السياح وعدساتهم دون أن تعكس الوجه الحقيقي لمشاكل المدينة.

 

في النهاية، تبقى مراكش، بجمالها وتناقضاتها، مدينة «ملهمة» فعلًا، لكنها تلهم سكانها اليوم بالصبر أكثر مما تلهمهم بالرضا عن واقع لا تزيله الصور والمنشورات الرسمية.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة

للتوصل بمستجدات الموقع كل يوم على بريدكم الالكتروني المرجو التسجيل في نشرتنا البريدية.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. نفترض أنك موافق على ذلك، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا رغبت في ذلك. قبولقراءة المزيد