يواجه الصندوق المغربي للتقاعد أزمة هيكلية متفاقمة تهدد استدامته المالية على المدى البعيد، مما يشكل تحديًا كبيرًا للدولة والمجتمع. وفقًا للتقرير المرفق بمشروع قانون المالية لسنة 2025، فإن الصندوق يعاني من عجز تقني كبير يعكس حالة مالية مقلقة للغاية، حيث بلغ العجز المسجل خلال سنة 2023 حوالي 9.871 مليون درهم. هذه الأرقام تبرز تدهور الأوضاع المالية للصندوق بشكل ملحوظ، خاصة مع استنزاف الاحتياطات المالية التي تقدر حاليًا بحوالي 65.800 مليون درهم فقط.
هذه الأزمة لا تعتبر حديثة العهد، بل هي نتيجة لتراكمات مالية ونقص في الإصلاحات الجوهرية التي كان يجب أن تتم في وقت مبكر. فمع ارتفاع نسبة المتقاعدين مقارنة بالعاملين، وزيادة الأعباء المالية نتيجة لارتفاع متوسط العمر المتوقع وزيادة قيمة المعاشات، أصبح الصندوق يواجه ضغطًا هائلًا في تلبية التزاماته. وإذا استمر هذا الاتجاه دون اتخاذ إجراءات إصلاحية عاجلة، فإن الصندوق قد يجد نفسه غير قادر على الوفاء بالتزاماته المالية تجاه المتقاعدين خلال السنوات القليلة المقبلة.
من جانب آخر، تستمر التوقعات المالية للفترة المقبلة 2025-2027 في المنحى التنازلي، حيث تشير الدراسات إلى أن العجز سيتفاقم في حال عدم تدخل الحكومة بسرعة عبر إصلاح شامل لأنظمة المعاشات المدنية. ومن هذا المنطلق، بدأت الحكومة المغربية، بالتشاور مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين، في دراسة مشروع إصلاح أنظمة التقاعد. هذا الإصلاح يتضمن إعادة هيكلة جذرية للصندوق لضمان استدامته على المدى الطويل.
وفي ظل هذه التحديات، تسعى الحكومة إلى وضع استراتيجيات مالية جديدة تتضمن رفع مساهمات العاملين وتحسين إدارة الاحتياطات المالية. كما تهدف الإصلاحات إلى ضمان عدم تأثر المتقاعدين الحاليين والمستقبليين بأي إجراءات تقشفية قد تتخذ لمعالجة العجز المالي. يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين استدامة الصندوق وحقوق المتقاعدين، وضمان عدم تحميل الفئات الهشة أعباء إضافية.
اكتشاف المزيد من مغربنا24 - Maghribona24
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
تعليقات ( 0 )