اغتيال يحيى السنوار: ما وراء الصمت العربي وآثار الصراع المستمر!

 

نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي ما يُقال إنها اللحظات الأخيرة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، بعد استشهاده في اشتباكات مع قوات الاحتلال في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، يوم الأربعاء الماضي. قال الجيش الإسرائيلي إنه رصد ثلاثة أشخاص يوم الأربعاء في حي تل السلطان غربي رفح. ووفقًا للرواية الإسرائيلية، بدأت قوات الاحتلال الاشتباك مع هؤلاء الأشخاص دون أن تتمكن من تحديد هوياتهم، بينما لجأ أحدهم، الذي تبين لاحقًا أنه السنوار، إلى أحد المباني بمفرده، قبل أن تقوم طائرة مسيّرة إسرائيلية بمسح المنطقة.

 

تظهر الصور التي نشرها الجيش السنوار ملثمًا، يجلس على مقعد ويلقي لوحًا خشبيًا نحو الطائرة المسيّرة التي دخلت المبنى، قبل أن يتم استهدافه بقذيفة دبابة. أفاد الجيش الإسرائيلي بأنه عثر على جثة السنوار في اليوم التالي للاشتباك أثناء تمشيط المبنى، حيث تم تحديد هويته لاحقًا. وذكر المتحدث باسم الجيش، دانيال هاغاري، أن زعيم حماس كان يرتدي سترة واقية تحتوي على مخازن رصاص وعدد من القنابل اليدوية، وكان بحوزته مسدس و40 ألف شيكل (حوالي 10.7 آلاف دولار أمريكي).

 

غياب رواية حركة حماس حول اغتيال السنوار يثير تساؤلات حول استراتيجية الحركة في التعامل مع الأحداث الكبرى التي تؤثر على صورتها ومكانتها. في الوقت الذي تتبنى فيه إسرائيل روايات تفصيلية عن العملية، بما في ذلك معلومات استخباراتية دقيقة وشهادات من قواتها، فإن غياب الرواية الرسمية من حماس حول اغتيال السنوار يترك المجال مفتوحًا لتفسيرات متعددة ويعكس التحديات التي تواجهها الحركة في سياق الصراع المستمر.

ردود الفعل الدولية

تباينت ردود الفعل الدولية بعد مقتل يحيى السنوار، حيث اعتبر الرئيس الأمريكي جو بايدن أن هذه العملية تمثل فرصة “لليوم التالي” في غزة، حيث زالت عقبة كانت تعيق تحقيق الأهداف الأمريكية في المنطقة. من جهته، وصف رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو مقتل السنوار بأنه خطوة نحو تحقيق العدالة، معتبراً إياه قائدًا وحشيًا مسؤولاً عن أهوال الهجمات التي نفذتها حماس. كما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن السنوار كان المسؤول عن الهجمات الإرهابية، معربًا عن أسفه للضحايا، بما في ذلك 48 فرنسيًا، ودعا للإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين لدى حماس.

 

وفي السياق ذاته، اعتبرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن السنوار كان إرهابيًا وحشيًا أراد تدمير إسرائيل، مشددة على ضرورة إطلاق حماس سراح جميع الرهائن وإلقاء أسلحتها.

كما أكدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني أن مقتل السنوار يعني نهاية الجاني الرئيسي في مذبحة السابع من أكتوبر، داعية إلى وقف إطلاق النار وبدء إعادة الإعمار في غزة. من جهته، أشار وزير الدفاع البريطاني جون هيلي إلى أنه لن يشعر بالحزن على وفاة زعيم إرهابي مثل السنوار، بينما أكدت تشاك شومر، زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي، على أهمية هذا الحدث في التخفيف من الألم الذي عانى منه الشعبان الإسرائيلي والفلسطيني.

 

غياب الردود العربية

غياب ردود الفعل العربية الرسمية حول اغتيال يحيى السنوار يثير تساؤلات عدة حول المواقف والسياسات المتبعة في التعامل مع القضايا الفلسطينية. فعلى الرغم من أهمية الحدث وتأثيره على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لم تُصدر العديد من الدول العربية تصريحات واضحة تعبر عن موقفها تجاه عملية الاغتيال. هذا الصمت قد يعكس تباينًا في الاستراتيجيات السياسية بين الدول، أو رغبة في تجنب اتخاذ مواقف قد تُعتبر متناقضة مع مصالحها الوطنية.

من جهة أخرى، قد يكون هذا الغياب نتيجة للضغوط الداخلية أو الإقليمية، حيث تظل القضايا المتعلقة بالصراع الفلسطيني حساسة وتعتمد على السياق السياسي الراهن. كما أن بعض الدول قد تفضل التريث في إصدار ردود فعل رسمية حتى يتضح تأثير مقتل السنوار على الوضع الأمني والسياسي في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يُنظر إلى غياب الردود الرسمية كعلامة على الانقسام العربي حول كيفية دعم القضية الفلسطينية في ظل التحديات المعقدة التي تواجهها المنطقة. هذا الوضع يعكس الحاجة إلى وحدة عربية أكبر في التعامل مع الأحداث التي تؤثر على الأمن والاستقرار في العالم العربي، خصوصًا في ظل تواصل التوترات في الأراضي الفلسطينية.

المستقبل المجهول للمقاومة الفلسطينية

يأتي تصعيد الأحداث في المنطقة بعد مقتل يحيى السنوار في ظل تزايد التوترات بين إسرائيل وحماس، مما يزيد من احتمالية اندلاع مواجهات جديدة. وقد أظهرت التقارير أن هناك تزايدًا في الأنشطة العسكرية على الحدود، بما في ذلك تسلل مقاتلين من الأردن إلى الأراضي الفلسطينية. هذا التسلل يعكس تدهور الوضع الأمني في المنطقة ويشير إلى إمكانية زيادة الاشتباكات في ظل الأوضاع المتوترة.

بعد رحيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، تثار العديد من التساؤلات حول مستقبل المقاومة الفلسطينية. هل سيؤثر غياب السنوار على الأداء العسكري والتنظيمي للمقاومة؟ وهل يمكن لهذا الرحيل أن يغير من ديناميكية المواجهة مع إسرائيل؟ قال خبراء فلسطينيون وعرب إن عملية اغتيال السنوار سيكون لها تداعيات على الصعيد الميداني، ومنها تأخير مسألة مفاوضات وقف إطلاق النار بين الأطراف وتوتر في منطقة الشرق الأوسط.

كما إن إسرائيل تعتقد أنها حققت إنجازًا كبيرًا في اغتيال السنوار، ولكن حركة حماس تعرف أن قادتها معرضون للاغتيال في كل وقت وهي تعرف طريقها وتنظمه بشكل ديني وعقائدي مما يعطي لها المجال لتكون أكثر مرونة في التعاطي مع هذه الأمور وفي نفس الوقت الشدة في مواقفها تجاه جدوى استمرار القتال أو بدء مفاوضات للوصول إلى صفقة لوقف إطلاق النار.

حزب الله في مرحلة تصاعدية

بعد مقتل السنوار، أعلن جماعة حزب الله اللبنانية الانتقال إلى مرحلة جديدة وتصاعدية في المواجهة مع إسرائيل “ستتحدث عنها مجريات وأحداث الأيام القادمة”. وذكرت في بيان أن حصيلة خسائر إسرائيل وفق ما رصده عناصرها بلغت نحو 55 قتيلا، وأكثر من 500 جريح من ضباط وجنود منذ بداية المواجهات البرية في لبنان في الأول من أكتوبر.

تصفح الموقع 

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة