الطلاق الصامت/ الطلاق العاطفي :مدى انتشار هذه الظاهرة

الطلاق الصامت، يعني حالة نفسية يشعر فيها أحد الزوجين أو كليهما بمشاعر سلبية تجاه الطرف الآخر، بما يؤدي إلى عدم إمكانية التواصل العقلي والنفسي والجسدي بينهما (انعدام التواصل والتفاعل الاجتماعي)، وينفرد كل منهما بحياة عقلية ونفسية واجتماعية خاصة، فيستمر الزواج شكلاً، وينتهي مضمونًا.

الانفصال الصامت أو الانفصال العاطفي بين الأزواج واقع موجود في مجتمعنا. وعلى الرغم من درجة خطورته على الحياة الأسرية إلاّ أنه ظل ضمن المواضيع المسكوت عنها، ظواهر نعيشها نتألم منها ولكن لا نبوح بها.

عقد الزواج يبقي ساريًا بين الزوجين ولكن كلاً منهما يعيش بمعزل عن الآخر، وقد لا يجتمعان إلا في المناسبات الاجتماعية أو الرسمية خوفًا من لقب مطلق أو مطلقة خاصة إذا كان هناك أولاد.

فتكون النتيجة حالة من الطلاق التي تستمر فيها العلاقة الزوجية أمام الناس فقط، لكنها منقطعة الخيوط بصورة شبه كاملة في الحياة الخاصة للزوجين.

الطلاق الصامت هو نهاية غير رسمية للعلاقة الزوجية، فلا يوجد تواصل بين الزوجين ولا كلام ولا علاقة زوجية والتي تزيد من المودة وتقرِّب القلوب. يُصبِح هناك تلبُّدٌ في المشاعر؛ لدرجة أنّه في بعض الحالات تنعدم الغيرة لدى أحد الطرفين أو كليهما.

لماذا سُمّي بالطلاق الصامت؟

الصامت تشير إلى معنيين يرافقان هذا النوع من الطلاق:

  1. المعنى الأول: يتجلى في غياب الحوار والتواصل بين الطرفين أو ما يعبّر عنه بعض المختصين في العلاقات الزوجية بــ”ظاهرة الخرسان” كإحدى أهم مؤشرات هذا النوع من الطلاق (من باب تسمية الشيء بأبرز ما فيه)، أي لم يعد يجد كل طرف أي رغبة في الحديث مع الطرف الآخر، فيغيب الصمت والخرسان عليهما.
  2. المعنى الثاني: يتجلى في إخفاء تلك القطيعة خارج البيت، ليصبحا كموظفين في الحياة الزوجية تجمعهما لقاءات عابرة والتزامات ماديّة للحفاظ على شكلهما الاجتماعي والأسري أمام الآخرين، وذلك خوفًا من لقب مُطلِّق أو مُطلَّقة، وخصوصًا لقب مُطلَّقة للزوجة؛ ولتجنّب نظرة مجتمعنا القاصِرة للمطلَّقات. وهذه الحالة قد لا يعرف عنها أحدٌ خارج الزوجين، فأمام العائلة والأصدقاء؛ يكونان وكأنهما أكثر حبيبين، ولكن في خلوتهما؛ يخلعان قناع العائلة ويعودان إلى وجه الفراق القبيح.

هل هي مجرّد ظاهرة عابرة (ظرفية) أم أنها تدوم؟

  • مجرّد ظاهرة عابرة/ طلاق صامت من درجة أولى: الطلاق الصامت أو الطلاق العاطفي يمكن أن يكون مجرّد ظاهرة عابرة، سحابة تغيّم لفترات معينة على الحياة الزوجية، ينجح الطرفان في تجاوزها. فكل العلاقات الزوجية تنتابها من حين لآخر خلافات ناتجة عن ضغوط الحياة اليومية والمعيشية، الروتين، ضغوطات شغلية، اختلاف في التنشئة الاجتماعية بين الطرفين. قد ينتج عنه شبه قطيعة كثيرًا ما تكون وقتية وظرفية لنعبّر عنها بطلاق صامت من الدرجة الأولى.
  • ظاهرة دائمة/ طلاق صامت من درجة ثانية: إذا اختفت الأسباب الثلاثة السابق ذكرها (قوة الحب، المصارحة والحوار، حنكة في التواصل)، أو تواترت وتكررت الانقطاعات، فإن الطلاق الصامت من الدرجة الأولى قد يتطوّر وتتفاقم الخلافات ويتحوّل إلى طلاق صامت من الدرجة الثانية.

سامي نصر

د. في علم الاجتماع


اكتشاف المزيد من مغربنا24 - Maghribona24

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

تعليقات ( 0 )

اترك رد