على ضوء مخرجات الحوار الاجتماعي

اذا كان انتفاء الارادة بين الشيخ والمريد في العرف الصوفي له مايبرره بحكم العقل العرفاني كما حدده مفكرنا الكبير محمد عابد الجابري، فإن انتفاء الارادة ذاتها بين الكتاب العامين للنقابات الأكثر تمثيلية (بالمعنى الدرامي) وبين بعض مناضليهم إلى حد التهليل والتكبير بالفتح الذي تحقق على أيديهم في المحضر الموقع بينهم وبين الحكومة عاشر الشهر الجاري، أقول إن انتفاء هذه الإرادة  ليس له أي مسوغ منطق أو ديونطولوجي،في هذا السياق أتساءل عن هذا الإنتماء الأعمى الذي يغيب العقل النقدي أو البرهاني بالمعنى الجابري أيضا، كما أتساءل بالمناسبة عن السوبرماركت الذي اقتنوا منه هذا الخَدَرَ(البنج)، كي أَحْدُو حدوهم لعلي أرى 1500 درهم الموزعة على شوطين وما جاورها مكتسبا تاريخيا واستثنائيا، أو سأكون مبدعا و مضطرا إلى خلق بديل للترحال السياسي، أسميه الترحال القطاعي بالرحيل صوب قطاعات أخرى تجزي الزيادات والتعويضات لموظفيها من حارس البوابة إلى الرئيس المدير العام سعيا إلى العدل الأُجَرَيِّ.

عذرا لا أملك مايكفي من الخَدَرِ الإنتهازي كي أقايض إرث الأنبياء بجزيل عطاء أي وظيفة أخرى(مع احترامي لباقي الوظائف ).

أيتها النقابات الأكثر تمثيلية، هل تذكرين جميل الحراك التعليمي، هل تنكرين ما ضخ في عروقك من ادرينالين الحياة والنضال، هل تعلمين أنه مد في أنفاسك وأعادك إلى سدة التفاوض من موقع قوته وشرعية وجوده وأثره في الواقع، ألم يكن بإمكانك أن تعودي للتنسيقيات ولو من منطلق بركماتي قبل منطلق الواقع والحقيقة الميدانيين،بدل  التصديق على العرض الحكومي هكذا بيقين الواهم المبشر بالنصرفي أفق إعادة بناء العلاقة مع القواعد وتصحيحها. 

السيدات والسادة الأساتذة.

إن عطش السنين إلى الاعتبار وتقدير الذات، قد يجعل بريق مخرجات جلسات الحوار يبدو مغريا ومنصفا وفتحا في أعين بعضنا ، والحقيقة أنه كسراب يحسبه الظمآن ماء، لهذا فالمكتسب الحقيقي هو الذي يجيب على أسئلة المستقبل واحتياجاته، ويحصنها بنظام أساسي يعيد للأستاذ ترتيبه في السلم الاجتماعي كصانع نهضة، ويحقق له الرفاه الاجتماعي كما هو محدد في تعريف الدولة الاجتماعية (كتعاقد حكومي) في هذا المقام

يقول روبيركاستيل في ما معناه *تتحقق الدولة الاجتماعية من خلال كل الأنشطة المباشرة والغير مباشرة التي تقوم بها أجهزتها تحقيقا الرفاه الاجتماعي* ،وعليه فإن تحقيق الرفاه الاجتماعي للأسرة التعليمية رهين بتحقيق القيمتين :الاعتبارية والمادية.ولنا في أنجيلا ميركل نموذجا لهذا التصور الراقي والمقام العالي الذي يجب أن يحضى به الاستاذ، عندما حاججت قضاة ألمانيا الذين أرادوا مساوتهم في القيمة الاعتبارية مع سيدات ورجال التعليم، بقولها الفصل:*أأساويكم بمن علمكم؟؟؟؟!!!!*

سيداتي سادتي الأساتذة الفضليات والأفاضل

إعلموا أن أعظم درس قدمتموه لتلاميذكم وتلميذاتكم كان خارج الفصل وهو درس النضال والوحدة والصمود، لقد حركتم ما هو راكد وخللتم ما هو سائد، وصنعتم تمثلا جديدا في أذهان تلامذتكم وتلميذاتكم، وغيرتم إدراكهم ووعيهم لواقعهم ،ولمفهوم الحركة والسكون والثبات والتحول بأن أصبحت إمكانية الحلم والتغيير حقيقة متاحة، كما أعطيتموهم أمثلة في التحضر والمواطنة، فكانت مسيراتكم ملهمة للأباء والأمهات بحيث وطدت أواصر المحبة بين الأستاذ والمجتمع رغم كل محاولات تسميم هذه الرابطة بِتَتْفِيهِ وتبخيس صورته التي انطلقت مع  سياسة التقويم الهيكلي.  

نحن الأساتذة والأستاذات لسنا طلاب مصلحة خاصة أو حظوة مؤقتة،وليس لدينا سابق خصومة مع بعض وزراء هذا الوطن (الذين  تطاولوا علينا) ، فقط لدينا مستقبل هنا نريد أن نحميه، لدينا إرث حضاري بعمر اثني عشر قرنا نريد أن نثمنه، ولدينا أواصر تعاقد شعبي ملكي هنا نريد أن نفديه ونزكيه، ولدينا كرامة هي رأسمالنا الرمزي. لهذا سنمضي في نضالنا و تدافعنا وتوقنا لتحسين أوضاعنا الاعتبارية والمادية والقانونية في إطار الدستور الذي يشكل أسمى تعبير عن إرادة الأمة، دون نية لَيِّ يَدِ أَيٍّ كان أو الإطاحة بهيبة الدولة. 

السيدات والسادة الاستاذات والأساتذة المحترمات المحترمون إعلموا أنه بقدر ما تتطور آلة التخلف في الوطن العربي في اتجاه صناعة اليأس وتسويقه، تصر المعرفة، كنور وقوة، على أن تبعث في فواصل زمنية محددة-وإن بدت محكومة بعنصر الصدفة – إشارات خارج السيطرة على أن ما تبقى تصنعه أو تكمله الجماهير.

الاستاذ جواد عبيد -فاس

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة