حين ينجح المغرب… ينفجر حقد الجزائر الدفين

في يوم 16 أكتوبر 1975، وبينما كان الملك الراحل الحسن الثاني يعلن عن انطلاق المسيرة الخضراء في خطاب تاريخي، كان الرئيس الجزائري آنذاك، هواري بومدين، يجري مقابلة مع الصحفي الفرنسي جان دانيال من مجلة لو نوفيل أوبسرفاتور. هذه المقابلة، التي نشرت لاحقًا، كشفت عن مدى الانزعاج الذي أصاب القيادة الجزائرية من هذه الخطوة المغربية السلمية لاستعادة الأقاليم الجنوبية.

 

وبحسب شهادة الصحفي الفرنسي، فقد حاول بومدين في البداية إخفاء غضبه، لكنه لم يستطع الحفاظ على هدوئه طويلًا. وما إن ظهرت صور الملك الحسن الثاني وهو يلقي خطابه على الشاشة، حتى تغيرت ملامحه بالكامل. بدأ يتلعثم في الكلام، وارتفع صوته بالتهديد، كأنه فقد السيطرة على أعصابه. ويصف دانيال المشهد قائلاً: “لم يعد أمامي ذلك الرجل الذي كنت أتحدث معه قبل دقائق، بل شخص آخر تمامًا، أقرب إلى مراهق منفعل في أحد الأحياء التي تشتهر بالجريمة، يقفز ويتوعد بصوت عالٍ.”

 

ردة الفعل هذه أكدت بوضوح مدى القلق الذي شعرت به القيادة الجزائرية آنذاك تجاه المسيرة الخضراء، التي مثلت خطوة استراتيجية ناجحة للمغرب في استكمال وحدته الترابية بطريقة سلمية. الجزائر، التي كانت تراهن على ملف الصحراء لدعم مشروعها الإقليمي، وجدت نفسها أمام واقع جديد يفرض نفسه على المنطقة، وهو ما يفسر حدة التوتر الذي أبداه بومدين خلال المقابلة.

 

اليوم، وبعد ما يقارب خمسة عقود على تلك الأحداث، لا يزال الموقف الجزائري متسمًا بالتصلب، رغم التحولات الكبرى التي شهدها العالم، والاعترافات الدولية المتزايدة بسيادة المغرب على صحرائه. فإلى متى ستستمر الجزائر في معاكسة حقائق التاريخ والجغرافيا، رغم أن المسيرة الخضراء أثبتت أنها كانت خطوة لا رجعة فيها نحو الوحدة الترابية للمملكة؟

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة