المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي يدعو لدمج التكوين المهني في الجامعات

يسعى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي إلى إحداث ثورة في منظومة التعليم العالي عبر اقتراح دمج التكوين المهني ما بعد الباكالوريا ضمن شبكة الدبلومات الجامعية، في خطوة تهدف إلى تحقيق اندماج أفضل لخريجيه في سوق الشغل والحد من نزيف الهدر الجامعي.

 

في تقريره الصادر بعنوان “المدرسة الجديدة، تعاقد مجتمعي جديد من أجل التربية والتكوين”, أكد المجلس أن الإصلاح العميق لهيكلة السنتين الأوليين من التعليم الجامعي أصبح ضرورة ملحة، مقترحًا إعادة الاعتبار لدبلوم الدراسات الجامعية العامة والمهنية والتقنية ليكون شهادة تكوينية ذات قيمة عالية، إما كمرحلة نهائية أو كجسر نحو الإجازة الأساسية أو المهنية.

 

ويهدف هذا الدمج إلى تجاوز أحد أكبر التحديات التي تواجه التعليم العالي في المغرب، وهو ارتفاع معدلات الهدر الجامعي، حيث أشار التقرير إلى أن حوالي نصف الطلبة المسجلين في الشعب الجامعية ذات الولوج المفتوح يغادرون الجامعة دون الحصول على أي شهادة، ما يمثل خسارة اجتماعية ومالية جسيمة.

 

كما يرى المجلس أن التكوين المهني يشكل ركيزة أساسية ضمن منظومة التعليم العالي، نظرًا لدوره في تكوين التقنيين المتخصصين وتلبية حاجيات القطاعات الاقتصادية. لذا، شدد التقرير على ضرورة تطوير برامج التكوين العالي القصيرة، التي تجمع بين التعليم النظري والتطبيقي، مع التركيز على المرونة في تنظيم الدروس من خلال المزاوجة بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد.

 

وأشار التقرير إلى أن العقبة الرئيسية التي تواجه هذا الطموح تكمن في تعدد الفاعلين، ما يؤدي إلى غياب هندسة شاملة للتكوين وارتفاع التكاليف، مما يحد من تعميم هذه البرامج على نطاق واسع.

 

ويرتكز التصور الجديد للمجلس على تبني مقاربة مرنة للتعلم، تشمل تغييرات في مدة الدراسة، فضاءات التعلم، وأنماط التكوين، ما يسمح للطلبة بمسارات أكثر تنوعًا وانفتاحًا على سوق الشغل. كما دعا إلى اعتماد نموذج شبيه بالتجربة الكندية، حيث يتاح للطلبة متابعة دراستهم أو الاندماج المبكر في سوق العمل بعد سنتين من التكوين الجامعي.

 

يبقى السؤال الأبرز: هل سيكون دمج التكوين المهني ضمن الجامعات الحل الناجع للحد من ظاهرة الهدر الجامعي وتحقيق اندماج حقيقي للشباب في سوق العمل؟ أم أن التحديات البنيوية ستظل عائقًا أمام إنجاح هذا المشروع الطموح؟

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة