في تطور مثير، أشعرت فرق المراقبة الجهوية للضرائب بجهتي الدار البيضاء-سطات والرباط-سلا-القنيطرة العشرات من المقاولات المتوسطة والصغرى بضرورة مراجعة أنشطتها الضريبية عن السنوات الثلاث الماضية. يأتي هذا الإجراء بعد تدقيق في تصريحات عدد من المقاولات التي قررت فجأة الهجرة من مناطق سوس-ماسة ودرعة-تافيلالت والشرق وطنجة-تطوان-الحسيمة إلى محور الرباط-الدار البيضاء.
وتكشف التحقيقات الأولية أن هذه المقاولات قد شهدت اختلالات وتناقضات في مداخيلها ونفقاتها، بالإضافة إلى تصريحات مستمرة بالعجز المالي، وهو ما يتناقض مع حجم الصفقات العمومية التي استفادت منها. وبحسب مصادر مطلعة، فإن المقاولات المعنية تنشط في مجالات متنوعة تشمل البناء والأشغال العامة والطعام والمعلوميات.
ورغم تقديم بعض هذه المقاولات طلبات لتسوية وضعيتها الضريبية في إطار “الاتفاقيات الودية”، فإن طلبات نقل المقرات الاجتماعية إلى محور الرباط-الدار البيضاء أثارت انتباه فرق المراقبة المركزية، التي اعتبرت أن هذه التحركات قد تكون مؤشراً على وجود حالات غش وتهرب ضريبي محتمل.
وأوضحت المصادر أن تبريرات المقاولات بشأن نقل مقراتها، والتي تضمنت نقص الفرص التجارية وتركز المشاريع في محور الرباط-الدار البيضاء، كانت غير مقنعة بالنسبة للمراقبين. فقد أظهرت البيانات المتبادلة مع الإدارات الشريكة عبر القنوات الإلكترونية أن المقاولات استفادت من عدد كبير من سندات الطلب والصفقات العمومية، ما يتناقض مع الادعاء بنقص الفرص التجارية.
ويُذكر أن المادة 149 من المدونة العامة للضرائب تلزم المقاولات بإشعار مفتش الضرائب بأي تغيير في مقرها الاجتماعي أو مؤسستها الرئيسية في المغرب خلال 30 يوماً من تاريخ التحويل أو التغيير. وفي حال عدم الامتثال، يتم فرض الضريبة على العنوان الأخير المعروف للمقاولة.
من جهة أخرى، أظهرت التحقيقات أن العديد من هذه المقاولات، في محاولة لتجنب المراقبة الضريبية، لجأت إلى توظيف شركات صغيرة تابعة لأقارب ومعارفها لتنفيذ الصفقات في المناطق البعيدة عن مقرها الاجتماعي. وهو ما دفع السلطات إلى التوقف مؤقتاً عن التدقيق في الوضعية الجبائية لبعض هذه المقاولات.