إدريس البصري و”البارابول”: عندما كان امتلاك الساتيليت في المغرب حلمًا صعب المنال

في التسعينيات من القرن الماضي، كان امتلاك جهاز استقبال القنوات الفضائية “البارابول” في المغرب حلمًا بعيد المنال، إذ لم يكن الأمر مقتصرًا على تكلفته الباهظة فحسب، بل كان أيضًا خاضعًا لرقابة صارمة من وزارة الداخلية بقيادة إدريس البصري. حيث فُرضت ضعيرة لا تقل عن 5000 درهم على كل من ثبت الساتيليت في منزله، وهو مبلغ ضخم بالنسبة لمعظم المواطنين في ذلك الوقت. وحتى من توفرت لديهم الإمكانيات المادية، كانوا يصطدمون بجدار التراخيص، إذ كان الحصول عليها شبه مستحيل إلا لمن كان يمتلك نفوذًا أو صلات بدوائر السلطة.

 

ترجع صرامة الوزير تجاه “البارابول” إلى طبيعة المحتوى الذي كانت تبثه القنوات الفضائية آنذاك، حيث تميزت ببرامج سياسية وثقافية تعرض وجهات نظر تتعارض أحيانًا مع الرواية الرسمية أو تقدم أنماط حياة مختلفة عن الثقافة المحلية. إدريس البصري، الذي كان يتولى وزارة الداخلية والإعلام معًا، اعتبر هذه القنوات تهديدًا مباشرًا لسياسته الإعلامية. فقد رأى أن فتح المجال أمام بث محتوى غير خاضع للرقابة قد يؤدي إلى زعزعة السيطرة الفكرية والإعلامية التي كان يسعى للحفاظ عليها.

 

اشتهر إدريس البصري بكونه الرجل الأقوى في تاريخ أم الوزارات، حيث كان يتحكم في كل تفاصيل الحياة السياسية واليومية. ومع التوسع العالمي للقنوات الفضائية في تلك الحقبة، اعتبر البصري الساتيليت أداة قد تكسر الحواجز الإعلامية المحلية وتدخل محتوى “غير مرغوب فيه” إلى المنازل المغربية. لذلك، لم يكن السماح بامتلاك “البارابول” مجرد قرار إداري، بل جزءًا من استراتيجية أكبر للتحكم في مصادر المعلومات، وضبط السرد الإعلامي بما يتوافق مع سياسة الدولة آنذاك.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة