يبدو أن رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، وجد نفسه في مأزق سياسي بعدما أثارت تصريحاته بشأن انسحاب فريق الاتحاد المغربي للشغل من جلسة التصويت على مشروع القانون التنظيمي للإضراب موجة غضب واسعة. فرغم محاولة التملص من تداعيات تصريحاته، إلا أن موقفه لم يزد المشهد إلا تعقيدًا، خصوصًا بعد مطالبات النقابة له بتقديم اعتذار رسمي.
العلمي، الذي اختتم الدورة التشريعية الخريفية اليوم الثلاثاء، حاول إضفاء طابع “النقاش الدستوري” على تصريحاته المثيرة للجدل، مدعيًا أن حديثه لم يكن موجها ضد أي طرف، بل كان مجرد تساؤل عن شرعية الجلسات التشريعية في غياب أحد مكونات البرلمان. لكن هل كان الأمر فعلاً مجرد نقاش قانوني؟ أم أن العلمي، بعد أن فتح على نفسه أبواب المواجهة، قرر الهروب إلى الأمام عبر الدفع بالمحكمة الدستورية إلى الواجهة؟
تصريحات العلمي كشفت عن إشكالية أعمق تتعلق بأسلوب تدبيره للنقاش البرلماني، إذ بدا كمن يسعى إلى فرض أمر واقع بدل البحث عن توافق سياسي واسع. فبدلاً من احتواء الغضب النقابي والاستماع إلى مبررات الانسحاب، اختار الهجوم ثم تراجع للحديث عن “شرعية الجلسات”، وكأنه يسعى لتحييد أي معارضة مستقبلية عبر بوابة القضاء الدستوري.
الأكيد أن ما حدث يؤكد على أزمة سياسية في تدبير الاختلاف داخل المؤسسة التشريعية، حيث تحولت معظم النقاشات البرلمانية إلى حلبة مواجهات سياسية بدل أن تكون فضاءً للتوافق والتشاور.