في الوقت الذي تتجه فيه موريتانيا بخطى ثابتة نحو تعزيز علاقاتها الاقتصادية والاستراتيجية مع المغرب، لا تزال الجزائر غارقة في مناوراتها اليائسة لمحاولة التشويش على هذا التقارب، دون أن تقدم أي بديل حقيقي أو رؤية تنموية جادة. مجلة جون أفريك أكدت أن نواكشوط أصبحت ساحة تنافس بين المغرب والجزائر، لكن الفارق بين النهجين واضح؛ فالرباط تعتمد على مشاريع تنموية واستثمارات استراتيجية، بينما تواصل الجزائر أسلوبها التقليدي في محاولات التأثير السياسي والدبلوماسي دون إنجازات ملموسة على الأرض.
منذ سنوات، تحاول الجزائر أن تفرض نفسها كلاعب رئيسي في موريتانيا، لكن سياستها لم تتجاوز مستوى الشعارات الفارغة والمزايدات السياسية التي لم تعد تنطلي على نواكشوط. فبدلاً من الاستثمار في شراكات حقيقية، تلجأ الجزائر إلى المناورات الدبلوماسية وشراء الولاءات، في وقت تعاني فيه من أزمات داخلية خانقة، أبرزها الفشل في تنويع الاقتصاد بعيداً عن الريع النفطي الذي يبقيها رهينة تقلبات السوق العالمية. جون أفريك أشارت إلى أن الجزائر، التي تمتلك رابع أكبر ناتج محلي إجمالي في إفريقيا، تحاول تنويع اقتصادها وتقليل اعتمادها على المحروقات، لكنها لم تستطع بعد تحقيق اختراق اقتصادي حقيقي في موريتانيا.
على الجانب الآخر، اختارت موريتانيا بناء علاقاتها على أسس اقتصادية قوية مع المغرب، الذي قدم مشاريع تنموية فعلية تشمل البنية التحتية والتبادل التجاري وتعزيز الأمن الإقليمي. فالرباط لا تبيع الوهم، بل تقدم حلولاً عملية، جعلت منها شريكاً موثوقاً لنواكشوط، وهو ما ترجمته الاتفاقيات الاقتصادية والتعاون المتزايد في مختلف القطاعات الحيوية. ووفقًا لتقرير جون أفريك، فإن التقارب الموريتاني المغربي يكتسب زخماً في السنوات الأخيرة، بفضل وعود التنمية الاقتصادية والبنية التحتية التي قدمتها المملكة، ما جعل موريتانيا ترى في المغرب شريكًا استراتيجيًا موثوقًا وقادراً على دعم نموها.
كما أن موريتانيا ليست بحاجة إلى “وصاية” من دولة تعاني من أزمات سياسية واقتصادية، ولا تحتاج إلى سماع خطب جوفاء عن “الأخوة” و”التضامن” من طرف لم يقدم لها سوى محاولات العرقلة والتشويش. نواكشوط تدرك جيداً أن المستقبل مع المغرب أكثر إشراقاً، وأن الجزائر ليست سوى لاعب هامشي يكرر الأسطوانة المشروخة ذاتها دون أي تأثير حقيقي على الأرض. جون أفريك أكدت أيضاً أن موريتانيا تتمتع بموقع جيوستراتيجي استثنائي يجعلها حلقة وصل بين المغرب العربي وغرب إفريقيا والساحل، وهو ما يدركه المغرب جيدًا، حيث ينظر إلى نواكشوط كبوابة استراتيجية نحو إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
بينما يواصل المغرب سياسة البناء والتعاون المثمر، تبقى الجزائر حبيسة خطابها التقليدي القائم على العرقلة والادعاءات الجوفاء. الفرق واضح: المغرب يقدم المشاريع، والجزائر تقدم “الخطابات”. والتاريخ أثبت أن الدول لا تتقدم بالكلام، بل بالفعل.