هل سغروشني جادة في دعم رواد الأعمال أم تسوق الوهم في باريس؟

في الوقت الذي يعاني فيه آلاف الشباب المغاربة من جحيم البيروقراطية، والمماطلات الإدارية، والضرائب المجحفة، والخدمات البنكية المتعجرفة، خرجت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي، أمل الفلاح سغروشني، في باريس، لتسوّق صورة زاهية عن مناخ ريادة الأعمال في المغرب، متجاهلة واقعًا مريرًا يُحطّم أحلام الشباب الطامح للاستقلال المالي عبر إنشاء مشاريعهم الخاصة.

 

في كلمتها خلال “يوم إنشاء المقاولة” بفرنسا، أكدت سغروشني أن “مواكبة رواد الأعمال الشباب والشركات الناشئة تمثل أولوية وطنية”، متناسية أو متجاهلة أن المقاولين الشباب في المغرب يعيشون في كابوس مستمر، حيث لا يكاد يمر يوم دون أن يصطدموا بجدار من العراقيل. فالحصول على التراخيص يستغرق شهورًا من الركض بين الإدارات، حيث يُعامل المقاول الشاب كمجرم يجب إثبات براءته، بدلًا من أن يُعتبر شريكًا في التنمية. أما الضرائب، فهي غير منصفة، أما المقاول الذاتي، الذي بالكاد يجني قوت يومه، يفاجئ دائما بإخطارات ضريبية مبالغ فيها.

 

اما النظام البنكي يزيد الطين بلة، فالبنوك المغربية، بدلًا من أن تدعم الشباب بالقروض والتسهيلات، تُعاملهم كزبائن غير مرغوب فيهم، مطالبةً بضمانات خيالية لا تتناسب مع وضعهم المادي. ورغم الحديث المتكرر عن صناديق دعم المقاولات، إلا أن المستفيدين الحقيقيين قلة، حيث يتم إغراق الشباب في متاهة من الإجراءات التي تجعلهم يستسلمون قبل أن يصلوا إلى أي دعم ملموس.

 

وفي الوقت الذي تتحدث فيه سغروشني من باريس عن برامج “الرقمنة والتسهيلات”، نجد آلاف المقاولين الذاتيين يُعانون من مشاكل تقنية في المنصة الإلكترونية، وإهمال تام من الإدارات المعنية. كثيرون أغلقوا مقاولاتهم بسبب الديون والضرائب، بينما يضطر آخرون للعمل في الاقتصاد غير المهيكل، لأن “المقاولة الذاتية” أصبحت فخًا أكثر منها فرصة.

 

يجب على الوزير ان تعرف انه بدلًا من تقديم صورة وردية أمام المستثمرين في باريس، كان الأجدر بها أن تواجه الحقيقة وتصارح المقاولين الشباب بما يجب فعله و توعيتهم و مرافقتهم لتحسين أوضاعهم.

 

اما السؤال المطروح هو هل تستطيع الوزارة حل مشاكل التراخيص والضرائب المجحفة؟ هل ستفرض إصلاحات على البنوك لتوفير تمويل حقيقي للمشاريع الصغيرة؟ هل ستُحاسب الإدارات المتقاعسة التي تُعرقل كل محاولة للنهوض بريادة الأعمال؟

 

إن “الأولوية الوطنية” يا سيدتي كما تقولين، هي مرافقة الشباب في المعركة التي يخوضونها وحدهم، في وجه ادارة تضع لهم العصي في العجلات بدل أن تفتح لهم الطريق. فمتى تنتهي هذه المهزلة؟

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة