المقاولون الذاتيون بين مطرقة الديون وسندان التجاهل الحكومي: إلى متى؟

ملف المقاولين الذاتيين في المغرب يكشف عن خلل واضح في تعامل الجهات المسؤولة مع فئة تم الترويج لنظامها كوسيلة لدعم الاقتصاد وتمكين الأفراد من الانخراط في النشاط المهني بشكل قانوني. ولكن الواقع المؤلم يظهر أن هذا النظام تحول إلى عبء ثقيل على كاهل آلاف المواطنين، الذين وجدوا أنفسهم محاصرين بديون متراكمة دون أن يحققوا أي نشاط اقتصادي فعلي.

 

المقاولون الذاتيون الذين كانوا يأملون في تحسين أوضاعهم أو الحصول على تمويلات بسيطة لدعم مشاريعهم الصغيرة، أصبحوا اليوم مهددين بالإفلاس قبل أن يبدأوا. التراكمات المالية المرتبطة بالتغطية الصحية والضريبة المهنية فرضت عليهم دون مراعاة لأوضاعهم الاقتصادية أو التحقق من ممارستهم الفعلية لأي نشاط اقتصادي. هل يُعقل أن تُطالب هذه الفئة بدفع مستحقات عن دخل لم يتحقق أساساً؟

 

الأدهى أن الحكومة لم تكلف نفسها عناء وضع آليات عادلة للتحقق من النشاط الاقتصادي الفعلي للمقاولين الذاتيين. بدلاً من ذلك، اكتفت بتكديس الديون عليهم وتركهم يواجهون مصيرهم دون تقديم أي حلول عملية. وعوضاً عن أن يكون نظام المقاول الذاتي مدخلاً لتمكين الأفراد، تحول إلى فخ مالي يعمق معاناتهم.

 

ما يزيد الطين بلة هو تجاهل الادارات لمطالب المقاولين الذاتيين الذين طالبوا مراراً وتكراراً بإيجاد حلول لهذه الأزمة. أين هي الوعود بتسهيل الحياة المهنية؟ وأين هي السياسات التي تهدف لدعم صغار المهنيين والمقاولين؟ الحكومة اليوم مطالبة بتقديم إجابات واضحة وقرارات عاجلة لإنصاف هذه الفئة التي أصبحت ضحية لسياسات غير مدروسة.

 

الرسالة التي يوجهها المقاولون الذاتيون إلى الحكومة واضحة: نطالب بإعفاء كامل من التراكمات المالية التي فرضت علينا دون وجه حق، وإعادة النظر في نظام المقاول الذاتي بشكل جذري. هذه المطالب ليست ترفاً، بل حق مشروع لفئة تريد العمل بكرامة دون أن تتحول إلى ضحية لعجز الحكومة عن صياغة سياسات عادلة ومنصفة.

 

كما انها تتحمل المسؤولية الكاملة عن الأزمة التي يعيشها المقاولون الذاتيون اليوم. إن استمرار التجاهل سيؤدي إلى تدمير الثقة في أي مبادرة تهدف لدعم صغار المهنيين مستقبلاً، وسيكرس الإحساس بالظلم واللاعدالة. على الحكومة أن تختار: إما أن تستجيب لمطالب هذه الفئة بحلول حقيقية، أو تتحمل تبعات ما قد ينجم عن هذا الوضع من احتقان اجتماعي واقتصادي.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة