يعيش المغرب وضعية وبائية غير مسبوقة مع تفشي داء الحصبة، المعروف شعبياً بـ”بوحمرون”، حيث تم تسجيل 25 ألف حالة إصابة و120 وفاة منذ شتنبر 2023. هذا الارتفاع الحاد في الإصابات والوفيات يؤكد اختلالات واضحة في سياسات الصحة العمومية وإدارة الأوبئة في البلاد.
حيث أكد متخصصون أن الوضع الحالي ينطبق عليه تعريف الوباء، مشيراً إلى أن هذا المرض كان شبه منعدم في المغرب مع تسجيل ثلاث إلى أربع حالات سنوياً فقط في السنوات الماضية. ومع ذلك، شهدت الأشهر الأخيرة انفجاراً في أعداد الإصابات، ما يثير تساؤلات حول مدى استعداد الوزارة والحكومة للتعامل مع مثل هذه الأزمات الصحية.
تراجع نسبة التلقيح، الذي كان يتجاوز 95% في الماضي، يشكل السبب الرئيسي وراء هذا الانتشار الواسع. لكن هذا التراجع لا يمكن عزله عن السياسات الصحية الحكومية التي لم تنجح في الحفاظ على معدلات التلقيح العالية، بل فشلت في تعزيز الثقة في منظومة الصحة العامة وتأمين الوصول العادل والمنتظم للقاحات.
على الرغم من إعلان الوزارة عن خطة لزيادة نسبة التلقيح عبر تمديد برنامج التلقيح الوطني، فإن هذه الخطوة تبدو متأخرة وغير كافية أمام الأرقام المقلقة للإصابات والوفيات. كما أن الاعتماد على حملات تلقيح محدودة زمنياً لا يعكس رؤية استراتيجية طويلة الأمد، بل يظهر عشوائية واضحة في التعامل مع هذا الوضع الوبائي.
اليوم، ومع تسجيل هذا العدد الكبير من الإصابات والوفيات، يتطلب الوضع إجراءات حاسمة وشاملة، وليس فقط برامج ترقيعية مؤقتة. على الحكومة ووزارة الصحة تحمل مسؤوليتهما كاملة والعمل على استعادة الثقة في النظام الصحي، مع تعزيز جهود التوعية وضمان توفر اللقاحات بشكل مستدام لجميع الفئات.