ارقام الاحتجاجات في تونس مؤشر على فشل قيس سعيد في إدارة الأزمات

شهدت تونس خلال الثلاثي الأخير من سنة 2024 موجة احتجاجات غير مسبوقة، حيث سجل المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية 826 تحركًا احتجاجيًا، مقارنة بـ 752 تحركًا خلال الثلاثي الثالث و586 خلال الثلاثي الثاني، وصولًا إلى 475 في الثلاثي الأول. هذه الأرقام تؤكد بوضوح اتساع رقعة الغضب الشعبي وتصاعده بشكل متسارع، ما يضع الحكومة التونسية ورئيسها قيس سعيد في مواجهة تساؤلات جدية حول أدائهم في معالجة أزمات البلاد.

 

تُظهر الإحصائيات أن الجزء الأكبر من التحركات الاحتجاجية لعام 2024 كان متعلقًا بالأوضاع المهنية والاجتماعية. وشملت المطالب تحسين ظروف العمل، تسوية الملفات المهنية، صرف الأجور والمنح المتأخرة، والحق في التشغيل والترسيم. كما لم تغب المطالب النقابية التي تندد بانتهاك حقوق العمال وتقييد الحريات النقابية.

 

انا الأزمات المتجذرة منذ الثورة، كملف عمال الحضائر والمعلمين والأساتذة النواب، عادت لتطفو على السطح، وسط تململ اجتماعي يزداد حدة مع استمرار الحكومة في نهج التجاهل وغياب الحلول الملموسة.

 

في الوقت الذي تشهد فيه تونس هذه التحركات المكثفة، تبدو سياسات الرئيس قيس سعيد بعيدة كل البعد عن معالجة جذور الأزمة. فرغم الشعارات الرنانة التي أطلقها منذ توليه السلطة، إلا أن الواقع يُظهر فشلًا ذريعًا في إدارة الملفات الاقتصادية والاجتماعية. سعيد، الذي ركز جهوده على تعزيز سلطاته وإصدار مراسيم مثيرة للجدل، لم يقدم حلولًا فعلية لمعالجة قضايا البطالة، التفاوت الاجتماعي، وانهيار الخدمات العامة. بل إن سياساته الانفرادية ساهمت في تعميق الأزمة، متجاهلًا أصوات الشارع الذي بات يُعبر عن غضبه بطرق أكثر تصعيدًا.

 

مع استمرار تجاهل المطالب الاجتماعية والمهنية، وتفاقم الوضع الاقتصادي، باتت الثقة بين الشعب والحكومة في أدنى مستوياتها. وبينما يصر سعيد على خطابه الأحادي الذي يصف فيه الاحتجاجات بالمؤامرات، يُدرك التونسيون أن ما يدفعهم للاحتجاج ليس سوى معاناتهم اليومية وأوضاعهم المعيشية المتدهورة.

 

هنا نرى ان تصاعد الاحتجاجات في تونس لا يعكس فقط تدهور الأوضاع المعيشية، بل يُشير إلى فشل نظام قيس سعيد في تلبية طموحات الشعب. ومع دخول البلاد مرحلة جديدة من الاحتقان، يلوح في الأفق سؤال جوهري، هل يدرك سعيد أن تجاهل أصوات الشارع سيقوده إلى مصير مشابه لسابقيه، أم أنه سيُغير مساره قبل فوات الأوان؟

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة