ما زالت أسعار اللحوم الحمراء في المغرب تسجل مستويات مرتفعة، بالرغم من استيراد آلاف الأطنان، مما فشل في كبح هذا الارتفاع. في هذا السياق، اشتكى عدد من المستوردين من الإجراءات والعراقيل التي تواجههم، والتي تمنعهم من إدخال كميات كبيرة تكفي لإحداث توازن في السوق، وبالتالي تحقيق تراجع في الأسعار إلى مستويات مقبولة.
وفقًا لمصادر مطلعة في قطاع استيراد اللحوم، فإن المجازر العمومية في عدد من المدن الكبرى، مثل الدار البيضاء، الرباط، طنجة، ومكناس، ترفض الترخيص لبعض المستوردين ببيع وتسويق اللحوم داخلها. واعتبرت أن هذه الإجراءات تمثل تضييقًا يعوق خفض الأسعار ويحد من المنافسة في السوق الوطنية.
دعوات لتغيير السياسات الحكومية
دعت مصادر مهنية الحكومة إلى اتخاذ خطوات تسهل على المستوردين تخزين وتسويق اللحوم المستوردة داخل المجازر المعتمدة. ورأت أن الإجراء الحالي الصادر عن وزارة الداخلية يساهم في إبقاء الأسعار مرتفعة، مما يضر بـ المستهلك المغربي ويحد من قدرته الشرائية.
أظهر استطلاع حديث أجرته مجلة L’Economiste-Sunergia أن غالبية المغاربة يدركون أن البلاد تستورد اللحوم الحمراء، لكن نسبة صغيرة منهم فقط قد استهلكتها بالفعل. وبحسب الاستطلاع، فإن التأثير على الأسعار بالكاد كان واضحًا، حيث يعتقد ثلث المشاركين فقط أن الواردات أدت أو ستؤدي إلى انخفاض الأسعار في المستقبل القريب.
تداعيات ارتفاع الأسعار على الأسر المغربية
في تصريح لصحيفة مغربنا 24، أوضح الباحث في الاقتصاد وقانون الأعمال بدر الزاهر الأزرق أن ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء إلى ما بين 120 و145 درهمًا للكيلوغرام يشكل عبئًا كبيرًا على ميزانيات الأسر المغربية، مما يدفعها إلى إعادة ترتيب أولوياتها الغذائية وتقليل استهلاك اللحوم الحمراء. وأضاف أن اللحوم البيضاء والأسماك أيضًا شهدت ارتفاعات كبيرة في الأسعار، مما يجعل الوصول إليها صعبًا للعديد من الأسر، خصوصًا أن الثقافة الغذائية في المغرب تعتمد بشكل كبير على هذه الأصناف.
وأشار الأزرق إلى أن قبول المغاربة لـ اللحوم المستوردة يرتبط بعاملين رئيسيين هما السعر والجودة. ورأى أن الأسعار الحالية للحوم المستوردة، التي تقارب أسعار اللحوم المحلية، تعيق تحقيق الهدف المنشود من الاستيراد، وهو تخفيض الأسعار. كما أكد أن الجودة العالية للحوم المحلية تجعل المغاربة يفضلونها، مما يزيد من مقاومة اللحوم المستوردة.
وشدد الأزرق على أن الاستيراد يجب أن يظل إجراءً مؤقتًا، مع ضرورة الاستثمار في إعادة ترميم القطيع المغربي من خلال برامج تنموية مثل “الجيل الأخضر” و”المغرب الأخضر”.
وأكد أن الحل الدائم يكمن في تعزيز إنتاج اللحوم محليًا لتلبية احتياجات السوق الداخلية، وتوفير منتجات بأسعار مناسبة تراعي القدرة الشرائية للمواطنين.
وختم الأزرق بأن الحكومة بحاجة إلى تبني استراتيجية شاملة لتحفيز قطاع اللحوم وضمان استدامته، بما يساهم في تثبيت الأسعار وخفضها على المدى البعيد، مما يخفف الأعباء عن الأسر المغربية.