الخبرة الجينية مقابل الشرعية: من ينتصر في معركة مدونة الأسرة؟

 

في خضم النقاش المجتمعي حول مدونة الأسرة، أبدت منظمة النساء الاتحاديات تطلعاتها لإخراج نص قانوني ينظم الأسرة المغربية بشكل متوازن ومتكامل. جاء ذلك خلال ندوة عقدتها المنظمة يوم الجمعة في مدينة الدار البيضاء، حيث استعرضت الكاتبة العامة للمنظمة، حنان رحاب، رؤيتها وتصوراتها بشأن المقترحات التي قدمتها اللجنة المكلفة بمراجعة المدونة. ورغم القبول العام الذي أبدته النساء الاتحاديات لمعظم التعديلات، إلا أن تحفظاتهن انصبت على نقاط جوهرية تستدعي نقاشًا معمقًا.

إثبات النسب: بين التحديات والمطالب

أحد أبرز القضايا التي أثارت الجدل تمثلت في إثبات النسب، حيث طالبت النساء الاتحاديات بضرورة اعتماد الخبرة الجينية كحل علمي لحسم إشكالية الأطفال المولودين خارج إطار الزواج. وأشارت حنان رحاب إلى المعاناة النفسية والاجتماعية التي يواجهها هؤلاء الأطفال، معتبرة أن “رفض الخبرة الجينية يظل موقفًا غير مفهوم ويحتاج إلى إعادة تقييم”.
في المقابل، عبر رئيس المجلس العلمي الجهوي بوجدة ، مصطفى بن حمزة، عن رفضه لهذا الطرح، مؤكدًا أن النسب لا يمكن إثباته إلا في إطار عقد زواج شرعي، لاعتبارات شرعية واجتماعية ترتبط بحفظ استقرار الأسرة.

النفقة: الحاجة إلى حلول مستدامة

من جهة أخرى، ناقشت النساء الاتحاديات الإشكاليات المتعلقة بـالنفقة، حيث أكدن على ضرورة مراجعة آليات تنفيذها لضمان استمرارية الدعم للأطفال. واقترحت حنان رحاب إنشاء صندوق خاص بالنفقة، يساهم في توفير المستحقات للأطفال في حال تعذر على الزوج تحمل أعباء النفقة. ويعكس هذا الاقتراح رغبة النساء الاتحاديات في تعزيز دور الدولة في حماية الأطفال وضمان حقوقهم الأساسية.

تفاعل حقوقيون وناشطون مدنيون مع النقاش الدائر حول استخدام الخبرة الجينية لإثبات النسب. وأكدت بشرى عبدو، رئيسة جمعية التحدي والمساواة، أهمية هذه الوسيلة العلمية لحسم القضايا العالقة، معتبرة أن الوقت قد حان لاعتمادها في القوانين المغربية. غير أن النقاش لم يخلُ من معارضة، حيث شدد مصطفى بن حمزة على أن العلاقة الأسرية يجب أن تُبنى على الزواج الشرعي، محذرًا من الانزلاق نحو نماذج اجتماعية غربية تفتقد إلى إطار الأسرة المتماسك.

آفاق مراجعة مدونة الأسرة

في ظل هذا السجال، تتجدد الآمال بأن تكون مراجعة مدونة الأسرة خطوة جادة نحو تعزيز حقوق المرأة والطفل داخل المجتمع المغربي. ويبقى الحوار المفتوح بين مختلف الأطراف هو السبيل لتحقيق توازن بين المتطلبات الحقوقية والاعتبارات الشرعية والاجتماعية

إقرأ أيضا...

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة