شكل فوز مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي في الانتخابات الرئاسية والاكتساح الذي حققه حزب “باستيف” في الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت أطوارها يوم 17 نونبر، الحدثين الرئيسيين اللذين تميزت بهما السنة التي تشارف على الانتهاء في السنغال.
فبعد عدة أشهر من حالة عدم الاستقرار والعنف السياسي، أتاحت الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 24 مارس 2024 للسنغاليين انتخاب المعارض الشاب باسيرو ديوماي فاي رئيسا للدولة، في مواجهة مرشح السلطة السابقة أمادو با، الذي شغل منصب رئيس الوزراء في نظام ماكي سال. وكان هذا الأخير، الذي انتخب سنتي 2012 و2019، قد قرر، بعد عدة أشهر من المفاوضات، التنازل عن الترشح لولاية ثالثة.
وجاء فوز أصغر رئيس في تاريخ البلاد (44 عاما) في سياق خاص، حيث لم يتم إطلاق سراح الرئيس الجديد من السجن إلا قبل 9 أيام من موعد انتخابات 24 مارس.
وقد تم تتبع هذه الانتخابات باهتمام كبير من قبل المجتمع الدولي، حيث تعتبر السنغال واحدة من بين أكثر البلدان استقرارا في منطقة غرب إفريقيا التي هزتها عدة انقلابات.
ومنذ سنة 2021، شهدت السنغال حلقات مختلفة من الاضطرابات الناجمة عن سياسة شد الحبل بين عثمان سونكو والسلطة، إلى جانب التوترات الاجتماعية. وغرقت بلاد تيرانغا في واحدة من أخطر أزماتها منذ عقود عندما أصدر الرئيس ماكي سال، في 3 فبراير 2024، قرارا بتأجيل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها آنذاك بعد ثلاثة أسابيع، ما تسبب في أعمال عنف في البلاد خلفت ضحايا وأضرارا مادية.
وبعد انتخابه، وعد رئيس الدولة الجديد، باسيرو فاي، زعيم حزب “باستيف”، الذي يرأسه عثمان سونكو، بالقطيعة مع النظام السابق من خلال اقتراح مشروع لعموم إفريقيا. وفي 24 مارس 2024، فاز باسيرو ديوماي فاي فوزا حاسما بنسبة 54.3 في المئة من الأصوات، مقابل 35.8 في المئة لمنافسه أمادو با، مرشح ائتلاف “بينو بوك ياكار” الذي يقوده ماكي سال.
وبعد أن أصبح باسيرو ديوماي فاي أصغر رئيس في تاريخ السنغال، قام بتعيين عثمان سونكو رئيسا للحكومة في 02 أبريل.
ويظهر ديوماي فاي كتجسيد لجيل جديد من السياسيين يسلط الضوء على القيم الإفريقية، ورغبته في الحفاظ على سيادة بلاده، وتوزيع الثروة بشكل أكثر عدالة، وإصلاح نظام العدالة الذي يعتبره فاسدا. ووعد خلال الحملة الانتخابية بالنسبة لمشروع “باستيف” بإعادة التفاوض بشأن عقود النفط وصيد الأسماك، وقال إنه لا يخشى ترك الفرنك الإفريقي، بما في ذلك الذهاب إلى حد اقتراح إنشاء عملة وطنية جديدة، وهو الإجراء الذي اعتبره معارضوه بمثابة “هراء” اقتصادي.
وبعد أشهر قليلة من تنصيبه، في 12 شتنبر 2024، قرر الرئيس باسيرو فاي حل الجمعية الوطنية المنتخبة في 2022، والتي كان يهيمن عليها معسكر الرئيس السابق ماكي سال، كما دعا إلى انتخابات تشريعية مبكرة في 17 نونبر.
وبقراره ذاك، كان السيد باسيرو فاي يسعى إلى أن يحصل حزبه “باستيف” على الأغلبية داخل هذه الجمعية، مما سيسمح له بتنفيذ المشروع الذي انتخب من أجله. وشكلت هذه الانتخابات انتصارا كبيرا لحزب “باستيف” الذي حصل على 130 مقعدا من أصل 165 مقعدا للنواب كانت محل منافسة. وتم سحق المعارضة بحصول الائتلاف الذي يقوده ماكي سال، متصدر القائمة، على 16 مقعدا، وسبعة مقاعد لائتلاف رئيس الوزراء السابق أمادو با وثلاثة مقاعد لتحالف عمدة دكار بارتيليمي دياس.
ويعتقد المحللون أن هذه الأغلبية المطلقة الكبيرة من “باستيف” يجب أن تشجع السلطة التنفيذية على تفعيل المشروع الذي أوصلها إلى السلطة، وخاصة أن تطبق أجندتها الخاصة بالقطيعة والعدالة الاجتماعية، وتحافظ على وعودها للوصول إلى السلطة.
وكان رئيس الدولة الجديد، الذي أعرب عن إرادته في قيادة “تحول منهجي متماسك وعملي في السنغال”، قد أكد على ضرورة معالجة “حالات الطوارئ الاقتصادية والاجتماعية”، من قبيل ارتفاع تكاليف المعيشة والبطالة، مع إعادة إطلاق الاقتصاد، “وخاصة في القطاعات الواعدة كالزراعة وتربية الماشية والسياحة والتعدين والمحروقات”.
وفي العام 2025، يأمل السنغاليون الذين صوتوا لصالح التغيير أن يوفق قادتهم بين الأفعال والوعود التي أطلقت خلال الحملات الانتخابية، في مواجهة الانتظارات القوية بشأن مكافحة البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة.