الإذاعة في عصر الإنترنت حضور يتحدى الزمن

مع دقات ساعة “بيغ بن” الشهيرة وصوت المذيعين العذب تبدأ حكاية عشق للإذاعة تلك الوسيلة التي كانت ولا تزال منبرًا لنقل الحقيقة وصناعة التأثير . إنها ليست مجرد أداة إعلامية بل نافذة مفتوحة على العالم تعبر الحدود وتحمل الأفكار لتصل إلى كل مستمع مهما تباعدت المسافات.

الإذاعة في الزمن الجميل

في ستينيات القرن الماضي كان الأثير هو الوسيلة الأهم للتواصل الجماهيري وكان القسم العربي بإذاعة لندن مثالًا للرصانة والجاذبية . مثّلت البرامج الإذاعية في تلك الحقبة مدرسة فكرية وثقافية تقدم للمستمع حوارًا راقيًا ومحتوى عميقًا . ومن هنا نشأت علاقة فريدة بين المستمع والبرنامج علاقة تجاوزت مجرد استماع عابر إلى شغف ومعرفة وإلى ارتباط وجداني شكّل ثقافة أجيال .

• الإذاعة بوابة الأحلام المهنية

بالنسبة لكثيرين لم يكن الاستماع إلى الإذاعة مجرد متابعة بل كان مصدر إلهام لبناء أحلام مهنية . فالإذاعة بما تحمله من قدرة على صياغة الأفكار وتقديمها بأسلوب مميز ألهمت العديدين ليصبحوا جزءًا من هذا العالم الساحر .

لعبت الإذاعات الدولية دورًا محوريًا في تشكيل وعي الشعوب لا سيما في الدول النامية حيث كانت مصدرًا موثوقًا للمعلومات ومنبرًا للحوار والتبادل الثقافي . ومن هنا جاءت قوة الإذاعة ليس فقط في قدرتها على نقل الخبر بل في دورها كجسر يربط بين الثقافات والأجيال .

من الرسالة إلى الأثير تجربة شخصية

لكل إعلامي بداية وقد تكون تلك البداية بسيطة كبداية كتابة رسالة إلى برنامج إذاعي. بالنسبة لي كانت تلك الرسالة الأولى إلى برنامج “بين السائل والمجيب” بمثابة نقطة تحول في حياتي .
سؤال واحد إجابة واحدة فتحا لي أبواب حلم كبير.

الإذاعة ليست مجرد مهنة بل شغف يمزج بين الإبداع والمسؤولية . إنها منصة تتيح لصانعيها تقديم رسائل تحمل الأمل وتنقل القيم وتسهم في بناء وعي جماهيري . وفي كل كلمة تُبث عبر الأثير هناك التزام تجاه المستمعين ورغبة في التأثير الإيجابي .

• تحديات العصر الرقمي

في عصرنا الحالي تواجه الإذاعة تحديات كبيرة مع ظهور المنصات الرقمية وانتشار البث التدفقي والبودكاست ومع ذلك تظل الإذاعة محافظة على مكانتها لأنها تقدم تجربة فريدة قائمة على التفاعل اللحظي مع المستمعين.

لم تعد الإذاعة مجرد جهاز تقليدي فقد تطورت لتصبح تطبيقات ذكية وقنوات رقمية لكنها حافظت على جوهرها الوصول إلى الناس بطريقة شخصية ومباشرة .

• الإذاعة مسؤولية وأمانة

أن تكون جزءًا من عالم الإذاعة يعني أن تتحمل مسؤولية الكلمة وأمانة الرسالة . الكلمة المذاعة لا تعود إنها تسافر إلى الآذان والعقول لتشكل وعيًا أو تنقل شعورًا لذلك يبرز دور الإعلامي الإذاعي في أن يكون على قدر عالٍ من المهنية والأخلاق .

• صوت لا ينطفئ

مهما تغيرت الوسائل وتطورت التكنولوجيا ستظل الإذاعة رمزًا لسحر الكلمة وقوة التأثير .
إنها صوت لا ينطفئ، وشعلة تضيء الطريق أمام كل من يسعى لإحداث أثر إيجابي في مجتمعه ومع كل دقة لساعة ” بيغ بن ” يبقى وعد جديد بأن الإذاعة ستظل ركيزة لا غنى عنها في عالم الإعلام

بقلم
علي البدوي 
ليبيا

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة