هيئة الإنصاف والمصالحة: تجربة مغربية تعزز حقوق الإنسان عالميًا

افتتحت اليوم الجمعة بمقر البرلمان المغربي أشغال المناظرة الدولية حول العدالة الانتقالية، التي تنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، احتفاءً بالذكرى العشرين لإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة.

رسالة ملكية سامية: دعوة لتعزيز العدالة والمصالحة

تميزت الجلسة الافتتاحية للمناظرة برسالة ملكية سامية، وجهها جلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين، وتلتها السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان. أكدت الرسالة على أهمية العدالة الانتقالية كأداة لإرساء الديمقراطية، وجعل التجربة المغربية نموذجًا مستدامًا للإصلاح السياسي والحقوقي.

شارك في المناظرة شخصيات رفيعة المستوى من مختلف دول العالم، من بينهم مسؤولون حكوميون وبرلمانيون وقضاة، إلى جانب ممثلي منظمات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي. تضمنت المناقشات مواضيع متنوعة، من أبرزها العلاقة بين العدالة الانتقالية والإصلاحات التشريعية والقضائية، ودور المجتمع المدني في تعزيز توصيات هيئات المصالحة.

 

هيئة الإنصاف والمصالحة: نموذج يحتذى في العالم

أشاد الحاضرون بالتجربة المغربية، مؤكدين أنها تشكل مرجعًا مهمًا للدول التي تسعى إلى تسوية ملفات انتهاكات حقوق الإنسان. وقال ريمي نغوي، رئيس اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، إن الهيئة لعبت دورًا محوريًا في تحقيق العدالة الانتقالية، مشددًا على أهمية اعتماد هذا النموذج في دول إفريقية أخرى.

 

في كلمة مسجلة، وصف فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، العدالة الانتقالية بأنها حجر الأساس لإرساء الإنصاف والمصالحة. وركز على تجربة المغرب باعتبارها خطوة حاسمة لبناء مجتمع قائم على القيم الديمقراطية والإنسانية.

 

استلهام التجارب الإفريقية: خطوات نحو التصالح المجتمعي

استعرض المشاركون نماذج إفريقية ناجحة في العدالة الانتقالية، مثل رواندا ونيجيريا والسودان، حيث دعا الكاتب النيجيري الحائز على جائزة نوبل وولي سوينكا إلى تعزيز المصالحة المجتمعية من خلال إدماج الشباب وتعزيز الذاكرة الجماعية.

ركزت إحدى الجلسات على أهمية قضايا الذاكرة كجزء أساسي من العدالة الانتقالية، مع عرض فيلم وثائقي بعنوان “عشرينية الحقيقة والإنصاف والمصالحة”. أبرز الفيلم الإنجازات التي حققتها هيئة الإنصاف والمصالحة، والدروس المستفادة من هذه التجربة الرائدة.

 

العدالة الانتقالية: دعوة للتعاون الدولي

أكد الحاضرون أهمية تعزيز التعاون بين الدول لتطبيق مبادئ العدالة الانتقالية، مشيرين إلى ضرورة تحويل التوصيات إلى سياسات وإجراءات ملموسة تسهم في تحقيق المصالحة وترسيخ الديمقراطية.

تعد هيئة الإنصاف والمصالحة علامة فارقة في تاريخ المغرب، حيث وضعت اللبنات الأولى لمسار جديد قائم على حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية. مع مرور عشرين عامًا على إحداثها، تظل هذه التجربة مصدر إلهام للدول الساعية إلى تجاوز ماضي الانتهاكات وبناء مستقبل أكثر إشراقًا.

تشكل المناظرة الدولية حول العدالة الانتقالية مناسبة لتسليط الضوء على مسارات الإصلاح وتجارب المصالحة الناجحة، مع التأكيد على أهمية استمرارية العمل لتحقيق العدالة والإنصاف في العالم. تجربة المغرب، بحكمتها وتفردها، تبقى نموذجًا يُحتذى به عالميًا.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة