أثار قرار الحكومة المغربية توحيد خطبة الجمعة جدلًا واسعًا وانقسامًا في الآراء بين مؤيدين يرونه خطوة ضرورية لضمان خطاب ديني موحد يخدم قضايا المجتمع، ومعارضين يعتبرون القرار تدخلاً سياسيًا قد يحد من حرية الأئمة ويجعلهم مجرد منفذين لتوجيهات السلطة.
أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، عبر المجلس العلمي الأعلى، عن خطة “تسديد التبليغ”، التي تهدف إلى توحيد الخطب في جميع مساجد المملكة، مؤكدة أن هذه الخطوة تهدف إلى إصلاح الخطاب الديني وتحقيق حياة عامة قائمة على الأخلاق والقيم الإسلامية. ووصفت الوزارة هذا الإجراء بالمؤقت، مشيرة إلى أن الهدف الأساسي هو تحفيز التفاعل الإيجابي مع القضايا المطروحة.
مؤيدون ومعارضون
يرى البعض، مثل أستاذ الدراسات الإسلامية أحمد كافي، أن إصلاح الخطاب الديني أمر ضروري، مشددًا على أن مراجعة مضامين الخطب وتحسين جودتها مسألة مطلوبة. لكنه يعترض على فكرة التوحيد الدائم، معتبرًا أن التنوع في الخطباء والخطب يعكس احتياجات المجتمع المحلي ويتيح معالجة مشكلات كل منطقة على حدة.
في المقابل، أكدت الوزارة أن الخطباء يحتفظون بحرية التعبير مع مراعاة مسؤولياتهم الدينية والاجتماعية، مشيرة إلى أن حالات الخروج عن الإطار المحدد تظل قليلة جدًا. وأوضحت أن توحيد الخطب لا يعني تقييدًا مطلقًا، بل هو مرحلة لتوجيه الخطاب نحو قضايا محددة ومهمة.
مخاوف وتطمينات
رغم طمأنة الوزارة بأن الإجراء مؤقت، يخشى بعض المغاربة أن يؤدي إلى تقليص حرية الأئمة وإضعاف تأثير خطب الجمعة، خاصة أن المغاربة اعتادوا التنوع في الخطاب الديني منذ الاستقلال. ومع ذلك، تراهن الوزارة على تجاوب الخطباء والجمهور مع المشروع باعتباره خطوة نحو تعزيز القيم الدينية والإسهام في صلاح المجتمع.
يظل النقاش مستمرًا في أوساط المجتمع المغربي، بين من يرى في القرار فرصة لضبط الخطاب الديني، ومن يخشى أن يكون بداية لتسييس المنابر الدينية وتقليص دورها في معالجة القضايا المحلية بروح حرة ومستقلة.