عاد قرار تسقيف سن الترشح لمباريات التعليم، الذي كانت قد فرضته وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ليطفو على السطح مجددًا وسط حالة من الجدل الواسع في الأوساط الشبابية والنقابية والسياسية. قرار يرى فيه كثيرون ظلمًا كبيرًا، يَحرم آلاف الشبان والشابات من فرصة التوظيف في الوظيفة العمومية، ويجعلهم يواجهون الحائط بعد سنوات من الدراسة والتحصيل العلمي
في هذا السياق، دعا خالد السطي، عضو مجلس المستشارين عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة، إلى إعادة النظر في هذا الشرط المجحف. وتساءل السطي عن الإجراءات التي تنوي الوزارة اتخاذها لتصحيح هذا الوضع، بما يتماشى مع القوانين المعمول بها ويضمن العدالة والمساواة للجميع. وفي ذات السياق، طالبت المنظمة الديمقراطية للشغل، في 25 ماي 2024، رئيس الحكومة ووزير التربية الوطنية بإلغاء هذا القرار الذي يحدد سن الترشح بـ 30 سنة.
وفي بلاغ رسمي لها، اعتبرت النقابة أن هذا القرار يُعد خرقًا فاضحا للدستور والقوانين التنظيمية، ويشكل ضربة لمبدأ المساواة في التوظيف، ويُقصي شريحة كبيرة من حاملي الشهادات العليا العاطلين عن العمل من فرصة الانضمام إلى سلك التعليم. كما وصف البلاغ القرار بـالظالم وغير المبرر قانونا، مشيرا إلى أن هذا التسقيف يفاقم من التهميش ويحرم فئة واسعة من فرص العمل.
وكان الوزير السابق شكيب بنموسى قد اتخذ هذا القرار قبل ثلاث سنوات، مبررًا ذلك بأن تحديد السن سيسهم في تعزيز الكفاءة في النظام التعليمي، إلا أن قرارًا كهذا لقي تنديدًا واسعًا من مختلف الأطياف، حيث اعتبره البعض قيودًا إضافية تكبل طموحات الشباب.
أما خالد السطي، فقد انتقد القرار بشدة في سؤاله الكتابي حول الموضوع، مؤكدًا أنه لا يراعي مبدأ تراتبية القوانين، حيث يتناقض مع المرسوم الذي يحدد السن الأقصى للتوظيف في الإدارات العمومية والجماعات المحلية بـ 45 سنة.
كما أشار إلى أن القرار يفتقر إلى مقومات المنطق، فلا يوجد ما يثبت أن هذه القيود السنّية ستسهم في تحسين النظام التعليمي أو في سد الخصاص الكبير في المؤسسات التعليمية. بل بالعكس، فإن هذه القيود تساهم في إقصاء الكثير من الكفاءات من فرص العمل في القطاع التربوي، وهو ما يضر بمبدأ تكافؤ الفرص الذي يكفله الدستور.
في ذات السياق، أثار خالد الصمدي، الوزير السابق في التعليم العالي، الموضوع مؤخرًا، وأكد أن السن القانوني لاجتياز مباريات التوظيف في الوظيفة العمومية في المغرب كان ولا يزال 45 سنة، دون أن يثير ذلك أي مفارقات بيداغوجية أو إشكالات، بل إن إغلاق هذا الباب أمام الآلاف من الشباب ذوي القدرات الأكاديمية العالية، خاصة أولئك الذين تجاوزوا سن 30، يعد ضربة قاصمة لأحلامهم ويضع عقبات في مسار المساواة في الفرص.