من تحويلات مالية إلى استثمارات: رؤية جديدة لمغاربة العالم

 

دعت ورقة تحليلية صادرة اليوم الثلاثاء 19 نونبر الجاري  عن مرصد العمل الحكومي إلى وضع رؤية استراتيجية شاملة واتباع خطة وطنية واضحة لإدماج مغاربة العالم في النسيج الاستثماري الوطني. وأوصت الورقة بتحديد القطاعات ذات الأولوية مثل التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، الصناعة التحويلية، الفلاحة، إضافة إلى إطلاق بنك مشاريع يخصص منصة رقمية تضم فرصاً استثمارية محدثة، مهيكلة حسب المناطق والقطاعات الاقتصادية، مع توفير معطيات دقيقة حول الجدوى الاقتصادية.

 

تساهم الجالية المغربية المقيمة بالخارج بشكل كبير في تعزيز التنمية الشاملة في المغرب على جميع الأصعدة الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية، الثقافية، والرياضية. تعتبر الجالية قوة اقتصادية مهمة من خلال تحويلاتها المالية واستثماراتها، كما تشكل امتدادًا طبيعيًا للمجتمع المغربي. يبلغ عدد المغاربة المقيمين بالخارج المسجلين لدى قنصليات المملكة حوالي 5.1 مليون شخص، منهم حوالي 60% من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و39 سنة، في حين لا تتجاوز نسبة من تزيد أعمارهم عن 60 سنة 4%. هذا التركيب السكاني يجعل الجالية المغربية قوة فاعلة في المساهمة في مختلف مجالات التنمية الوطنية وتعزيز الحضور المغربي على الساحة الدولية.

 

التحويلات المالية

تعد التحويلات المالية للجالية المغربية المقيمة بالخارج ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، حيث تلعب دوراً حيوياً في تعزيز التوازن المالي للمملكة وتوفير مصدر رئيسي للعملة الصعبة. شهدت هذه التحويلات زيادة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة، إذ ارتفعت من 60 مليار درهم في عام 2019 إلى 115.3 مليار درهم في عام 2023، مع توقعات بأن تصل إلى 120 مليار درهم في عام 2024. تساهم التحويلات بما يزيد عن 7% من الناتج الداخلي الخام، مما يعزز القدرة المالية للمملكة، ويستقر الدرهم، ويدعم التوازنات الاقتصادية، ويقلل من عجز الميزان التجاري.

الاستثمارات المباشرة

رغم ارتفاع قيمة التحويلات المالية، فإن توزيع هذه الأموال واستخدامها يشهد اختلالات، حيث لا تتجاوز نسبة الأموال المخصصة للاستثمار 10% من مجموع هذه التحويلات، في حين يتم تخصيص 60% لدعم الأسر، و30% للادخار. مقارنةً بدول إفريقية أخرى مثل نيجيريا وكينا، حيث توجه 45% و35% من تحويلات المغتربين للاستثمار على التوالي، يظهر المغرب حاجة لتطوير آليات تحفيزية لزيادة استثمار هذه الأموال في القطاعات المنتجة لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.

 

المساهمة في النظام البنكي

تشكل تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج أحد المصادر الأساسية للموارد المالية في البنوك المغربية، حيث تمثل حوالي 20% من الموارد التي تجمعها هذه البنوك. تُستخدم هذه الأموال في تمويل المشاريع الاقتصادية وتلبية احتياجات الأسر والمقاولات، مما يسهم في استقرار النظام المالي الوطني ويعزز الدينامية الاقتصادية للمملكة.

 

كما يساهم أبناء  الجالية المغربية المقيمة بالخارج بشكل كبير في دعم القطاع السياحي بالمغرب، إذ يُعتبر أفرادها من الفاعلين الرئيسيين في تنشيط السياحة الداخلية أثناء زيارتهم للمغرب. خلال فترة “مرحبا” من 5 يونيو إلى 15 شتنبر 2024، دخل حوالي 3.76 مليون مغربي إلى المغرب، مما ساهم في تحفيز قطاع السياحة. كما تسهم هذه الزيارات في تعزيز مكانة المغرب كوجهة سياحية، بالإضافة إلى استثمارات المغتربين في قطاعي العقارات والسياحة، مما يدعم استدامة هذا القطاع.

 

دعم الوحدة الترابية

تلعب الجالية المغربية المقيمة بالخارج دورًا محوريًا في الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة وقضية الصحراء المغربية على الساحة الدولية. من خلال تنظيم ندوات ومؤتمرات، والمشاركة في الإعلام المحلي والدولي، تساهم الجالية في توضيح الحقائق المتعلقة بالصحراء المغربية، ودعم مقترح الحكم الذاتي كحل عادل وواقعي للنزاع.

تزخر الجالية المغربية المقيمة بالخارج بكفاءات عالية التأهيل في مجالات متنوعة، إذ اختار العديد من أبنائها العودة إلى المغرب للمساهمة في تطويره. يستثمر المغتربون خبراتهم ومعارفهم المكتسبة في الخارج في مجالات حيوية مثل الصناعة، التكنولوجيا، الفلاحة، والسياحة، كما يشغلون مناصب مسؤولية في الدولة.

دعم الرياضة المغربية

تساهم الجالية المغربية المقيمة بالخارج في تعزيز الرياضة في المغرب عبر دعم المنتخبات الوطنية في مختلف الأصناف الرياضية. يُعد أبناء الجالية، خصوصًا في كرة القدم، من الركائز الأساسية للمنتخبات الوطنية، حيث ساهموا في تعزيز مكانة المغرب كقوة رياضية على الساحة العالمية، كما أسهموا في تطوير الرياضة من خلال إقامة أكاديميات رياضية وتنظيم دورات تدريبية.

 

تؤكد الورقة التحليلية على الدور الحيوي الذي تضطلع به الجالية المغربية المقيمة بالخارج في مختلف جوانب الحياة الوطنية، مما يعزز من قدرتها على المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة  المغرب. 

 

للمزيد…

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة