كشفت دراسة إحصائية قدمها المجلس الوطني للصحافة عن العديد من التحديات التي يعاني منها الصحافيون في المغرب. حيث تم تسليط الضوء على مختلف جوانب واقع الصحافة، بما في ذلك التركيب العمري للصحافيين، التوزيع الجغرافي، الأجور وتفاوتاتها، بالإضافة إلى معاناة الصحافيين في مختلف قطاعات المهنة. ومن خلال هذه الدراسة، التي شملت 2451 صحافياً، تم الكشف عن صورة واقعية للمهنة، وتقديم معطيات دقيقة حول الظروف التي يواجهها الصحافيون في البلاد.
التركيب العمري للصحافيين
أظهرت الدراسة أن 52.15% من الصحافيين في المغرب هم في الفئة العمرية التي تتراوح بين 40 و60 سنة، مما يبرز أن الصحافة تضم عدداً كبيراً من الصحافيين ذوي الخبرة. وفي المقابل، يشكل الصحافيون الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و40 سنة 44.15% من إجمالي الصحافيين في المغرب، مما يشير إلى وجود فئة شبابية نشطة في المجال. كما تبين أن 91 صحافياً تجاوزت أعمارهم 60 سنة، وهو ما يمثل 3.7% من مجموع الصحافيين، حيث كانت الغالبية العظمى منهم من الذكور بنسبة 83.3%.
من حيث التوزيع الجغرافي، أوضحت الدراسة أن أكثر من 76.5% من الصحافيين يتركزون في منطقتين هما الدار البيضاء – سطات و الرباط – سلا – القنيطرة، بينما يتوزع 24% من الصحافيين على باقي جهات المملكة. يُظهر هذا التوزيع تمركز الإعلام في العاصمتين الاقتصادية والإدارية، مما يعكس التحديات التي يواجهها الصحافيون في المناطق الأخرى، الذين يعانون من نقص في الموارد والفرص.
الصحافة الإلكترونية، السمعية البصرية، والصحافة الورقية
كما أشارت الدراسة إلى التوزيع النسبي للصحافيين بين القطاعات المختلفة، حيث تمثل الصحافة الإلكترونية الشريحة الأكبر، إذ بلغ عدد الصحافيين في هذا القطاع 807 صحافيين، منهم 75% ذكور. أما في الصحافة السمعية البصرية فقد بلغ عدد الصحافيين 816 صحافياً، بينما بلغ عدد الصحافيين في الصحافة الورقية 534 صحافياً. هذه المعطيات تشير إلى هيمنة الذكور على المهنة، حيث يمثل الذكور 70% من الصحافيين في المغرب، بينما تشكل الصحافيات 30% فقط، ما يعكس الفجوة الجندرية المستمرة في هذا القطاع.
أجور الصحافيين وتفاوتاتها
أظهرت الدراسة تفاوتا كبيرا في أجور الصحافيين بين القطاعات المختلفة، حيث بلغ متوسط الأجر الشهري للصحافيين في المغرب 10,121 درهم. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه الأجور لا تعكس الواقع بدقة، نظراً للتفاوتات الكبيرة بين القطاعات. فمثلا، بلغ متوسط الأجر في الصحافة الإلكترونية 7202 درهم، وهو الأضعف مقارنة ببقية القطاعات، بينما بلغ متوسط الأجر في الصحافة السمعية البصرية 9101 درهم، وبلغ في الصحافة المكتوبة بالعربية 9344 درهم. أما الصحافة المكتوبة باللغة الفرنسية فتتصدر الأجور، حيث يصل متوسط الأجر فيها إلى 13,432 درهم. هذا التفاوت في الأجور يبرز الفروق الكبيرة في وضع الصحافيين بحسب نوعية المؤسسة الإعلامية التي يعملون فيها.
معاناة الصحافيين: تحديات العمل والأوضاع الاقتصادية
إلى جانب الأجور، يعاني الصحافيون في المغرب من ظروف عمل صعبة، خاصة في الصحافة الإلكترونية التي تتطلب جهوداً مضاعفة وضغوطاً متزايدة. كما أن التحديات الاقتصادية التي تمر بها المؤسسات الإعلامية تؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الوظيفي للصحافيين، مما يزيد من معاناتهم. بالإضافة إلى ذلك، تتفاقم الفجوة الجندرية في المهنة، حيث يشكل الذكور النسبة الأكبر من الصحافيين، وهو ما يستدعي تحسين مشاركة الصحافيات وتعزيز فرصهن في هذا المجال.
الصحافة في المغرب تواجه العديد من التحديات التي تؤثر على أداء الصحافيين وجودة العمل الإعلامي. ومن خلال الدراسة التي قدمها المجلس الوطني للصحافة، تبين ضرورة تحسين أوضاع الصحافيين على كافة الأصعدة، سواء في ما يتعلق بالأجور أو ظروف العمل. كما تظهر الدراسة أهمية تعزيز المشاركة النسائية في المهنة والعمل على تحقيق التوازن الجندري. إن توفير بيئة عمل أفضل وأكثر عدلاً للصحافيين سيسهم بشكل كبير في تحسين جودة الصحافة في المغرب، ويعزز من دورها في خدمة المجتمع وتعزيز حرية التعبير.