رقمنة تجارة التقسيط: هل تمهد الحكومة لفرض ضرائب جديدة؟

أطلقت وزارة الصناعة والتجارة، بشراكة مع “البريد بنك” وشركة “فيزا”، قافلة الإدماج المالي للتجار، بهدف تعميم أجهزة الأداء الإلكتروني (TPE) وتشجيع الدفع الرقمي. لكن، وبينما تسوق الحكومة هذه المبادرة على أنها قفزة نحو المستقبل، يراها كثيرون محاولة جديدة لتحميل التجار الصغار أعباء إضافية دون توفير بيئة مناسبة لاعتماد هذه التكنولوجيا.

 

القافلة، التي انطلقت من جهة الرباط-سلا-القنيطرة، تستهدف في مرحلتها الأولى ألف تاجر، على أن يتم تعميمها على باقي جهات المملكة. ووفق وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، فإن المبادرة تندرج ضمن رؤية الحكومة لتعزيز الشمول المالي وتقليص المعاملات النقدية. لكن السؤال الذي يطرحه التجار والمتابعون هو: من المستفيد الحقيقي من هذه الخطة؟

 

أجهزة الأداء الإلكتروني التي تسعى الحكومة إلى فرضها لا تأتي مجاناً، بل تشكل تكلفة إضافية على التجار، الذين سيجدون أنفسهم مضطرين إلى دفع رسوم تشغيل وصيانة، فضلاً عن اقتطاعات من كل عملية دفع. في الوقت نفسه، لا تقدم الدولة أي ضمانات حقيقية لحمايتهم من الضرائب التي قد تترتب على توثيق كل مداخيلهم بهذه الطريقة. فهل الهدف فعلاً هو التحديث، أم أن الأمر مجرد تمهيد لفرض المزيد من الرسوم والضرائب على صغار التجار، الذين يعانون أصلاً من الهشاشة الاقتصادية؟

 

المواطنون أيضاً ليسوا بمعزل عن هذا الجدل. فبينما لا تزال نسبة كبيرة منهم خارج النظام البنكي، تسعى الحكومة إلى فرض أداء إلكتروني لا يستطيع الجميع استخدامه. فكيف يمكن أن تنجح هذه المبادرة في بلد لا يزال يعاني من ضعف الثقافة المالية وغياب الثقة في المؤسسات البنكية؟ وهل تملك الدولة تصوراً واضحاً لتأهيل التجار والمستهلكين على حد سواء، أم أنها مجرد خطوة أخرى يتم تمريرها دون دراسة حقيقية لوقعها على الفئات الهشة؟

 

الانتقادات لم تتوقف عند الجانب الاقتصادي، بل امتدت إلى السخرية من الطريقة التي تتعامل بها الحكومة مع الرقمنة. ففي الوقت الذي لا تزال فيه الإدارات العمومية تطالب المواطنين بوثائق ورقية وشهادات مصدقة، يأتي فرض الأداء الإلكتروني على “مول الحانوت” وكأنه أولوية قصوى. البعض وصف المشهد بالعبثي، متسائلين: لماذا لا تبدأ الحكومة برقمنة خدماتها قبل أن تلزم التجار الصغار بممارسات رقمية لا تزال غير منتشرة حتى بين المؤسسات الرسمية؟

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة