استقبل رئيس تونس قيس سعيّد، في خطوة وصفها الكثيرون بأنها محاولة أخرى لتأجيل المواجهة مع واقع البلاد المزري، كلاً من الرئيس المدير العام للشركة التونسية للكهرباء والغاز، والمدير المركزي للإنتاج بالشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه.
حيث كان الحديث محصورًا في الإجراءات البائسة التي أذن سعيّد باتخاذها، وهي “جدولة الديون” التي تعاني منها الشركتان، بما في ذلك ديون المواطنين والمؤسسات الصغيرة التي تكدست بسبب الأزمات الاقتصادية المستمرة. فبدلًا من اتخاذ إجراءات فورية تُعفي المواطنين من هذا العبء المرهق، وجد الرئيس في جدولة الفواتير الحل الأنسب، وكأن مجرد تأجيل الدفع سيُحل الأزمة التي غرق فيها المواطن التونسي.
إذا كان الهدف من هذه الخطوة هو امتصاص غضب المواطنين، فإن الواقع يبدو أن سعيّد بات يبتكر أساليب لا تقود سوى إلى مزيد من الاحتقان الاجتماعي، دون أن يقدم حلًا حقيقيًا. ففي وقت يتساءل فيه الشعب التونسي عن ملامح الأمل في تحسين أوضاعهم المعيشية، تُضاف هذه “الجدولة” إلى سلسلة المسكنات المؤقتة، التي تساهم فقط في تأجيل الانفجار الاجتماعي المحتمل.
وبينما كان من الممكن على الأقل إعفاء المواطنين الغارقين في الديون من دفع الفواتير، فإن المضي قدماً في جدولة هذه الديون يؤكد عجزًا كبيرًا عن اتخاذ قرارات جذرية تحل المشكلة بشكل نهائي. فالمواطن التونسي يحتاج اليوم إلى حلول فاعلة تضمن له ماءً وكهرباء دون عناء، لا إلى وعود لا طائل منها سوى تأجيل لحظة الحقيقة.
في المقابل، توجيه سعيّد بتسريع خطة تجديد شبكة المياه الصالحة للشرب يبدو وكأنه مجرد حيلة لإخفاء عجز الدولة عن توفير حلول مستدامة، إذ أن الدولة عليها واجب دستوري بتوفير الماء الصالح للشرب لجميع المواطنين على قدم المساواة، وهو ما يظل بعيد المنال رغم كل التصريحات.