وزير الصحة الجديد في مواجهة الغضب النقابي: هل يدرك أمين التهراوي ما يفعل؟

يبدو أن وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، لم يستوعب بعد طبيعة القطاع الذي يتولى مسؤوليته، أو ربما يفتقر إلى الحد الأدنى من الكفاءة لإدارته. فبعد أقل من عام على توقيع اتفاق يوليوز 2024، الذي كان من المفترض أن يشكل خطوة جادة نحو تحسين أوضاع الموارد البشرية في القطاع الصحي، تجد النقابات نفسها مضطرة لطلب لقاء عاجل لتصحيح “المنهجية المختلة” التي تتبعها الوزارة.

التنسيق النقابي الوطني لقطاع الصحة، الذي وجه رسالة شديدة اللهجة إلى الوزير، لم يخفِ استياءه من الأسلوب الذي تسير به الأمور داخل الوزارة، حيث وصف المنهجية الحالية بـ”الانفرادية” في اتخاذ القرارات، بعيدًا عن مبدأ الشراكة والتشاور الذي كان من المفترض أن يكون أساس العمل المشترك.

الرسالة النقابية كشفت بوضوح أن الوزارة الحالية لا تمتلك رؤية واضحة لتنفيذ الاتفاقيات المبرمة، بل تتعمد التعتيم على المعلومات، في خرق واضح للدستور الذي يضمن الحق في الحصول على المعلومات. هذا الأسلوب لا يعكس فقط افتقار التهراوي للخبرة في تسيير قطاع حساس كالصحة، بل يؤكد أن الوزارة تعاني من شلل إداري غير مسبوق، يدفع ثمنه الأطباء والممرضون والعاملون في القطاع، ومعهم المواطنون الذين يواجهون خدمات صحية متردية.

ما يزيد من تعقيد المشهد، أن اتفاق يوليوز 2024، الذي وُصف حينها بأنه “تاريخي”، لا يزال معلقًا بسبب بطء الوزارة في تنفيذ مقتضياته. العاملون في القطاع الصحي يعيشون حالة من الاحتقان بسبب التأخير غير المبرر والغياب التام لأي تواصل رسمي يوضح أسباب هذا الجمود.

التنسيق النقابي لم يكتفِ بالمطالبة بتصحيح المسار، بل وجّه تحذيرًا شديد اللهجة للوزارة، مؤكدًا أنه لن يشارك في أي اجتماع يتناول “التفاصيل الثانوية”، قبل الحسم في القضايا الأساسية التي تهم الموارد البشرية.

الاجتماع المقرر يوم 25 فبراير الجاري سيكون محطة حاسمة، ليس فقط لمصير اتفاق يوليوز، بل أيضًا لمستقبل الوزير نفسه. فإما أن يثبت التهراوي أنه قادر على إدارة القطاع بشكل مسؤول عبر تصحيح أخطائه والانخراط في شراكة حقيقية مع الفرقاء الاجتماعيين، أو أن يؤكد أنه مجرد اسم آخر في قائمة وزراء فاشلين مروا من وزارة الصحة دون أن يتركوا أثرًا سوى الفوضى وسوء التسيير.

في ظل هذا الواقع، يتساءل كثيرون: هل يدرك الوزير الجديد أن قطاع الصحة ليس حقل تجارب، وأن الاستمرار في العناد والتهميش سيجعله يواجه مصيرًا مشابهًا لسابقه؟ أم أن الحكومة ستتدخل لتصحيح الوضع قبل أن ينفجر القطاع بأكمله؟

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة