في خطابه بمناسبة الذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء، استعرض جلالة الملك محمد السادس تقدم المملكة في الدفاع عن الوحدة الترابية، ولكنه لم يكتفِ بهذا المحور؛ بل أعلن عن “منعطف جديد” في إدارة شؤون الجالية المغربية بالخارج، في إطار رؤية ملكية طموحة تعكس التزامًا مؤسساتيًا قويًا نحو إعادة الهيكلة والارتقاء بمنظومة الجالية، والتي أطلق عليها “هندسة ملكية” فريدة من نوعها.
تعزيز الروابط الوطنية ودور الجالية في الدفاع عن الوحدة الترابية
أشار الخبير الاقتصادي زكرياء فيرانو في تصريح خص به صحيفة مغربنا 24 أن جلالة الملك أقر بالدور الكبير الذي تلعبه هذه الفئة في الدفاع عن الوحدة الوطنية والمصالح العليا للمغرب، حيث اعتبر أن المغاربة المقيمين في الخارج يشكلون ركيزة أساسية في تأكيد السيادة الوطنية على الأقاليم الجنوبية في الساحة الدولية.
وأبرز أن دعوة الملك لتعزيز الاستثمارات الخارجية من المغاربة المقيمين بالخارج هي خطوة هامة للدفع بالاقتصاد الوطني، موضحا أنه رغم التدفقات المالية الكبيرة من المغاربة في الخارج، إلا أن هناك حاجة لتوجيه جزء أكبر من هذه الأموال نحو استثمارات حقيقية، خاصة في القطاعات المالية والخدماتية، مما سيسهم في تحقيق التنمية الشاملة ويعزز النمو الاقتصادي الوطني.
كجزء من رؤية استراتيجية جديدة، أمر الملك بإنشاء مؤسسة عمومية جديدة تُدعى “المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج”. سيقع على عاتق هذه المؤسسة دور تنفيذ السياسات العامة الموجهة للجالية المغربية بالخارج، وستتولى مهام تنسيق وتأطير التوجهات الوطنية في مجالات الهوية، والثقافة، والدين، إلى جانب التركيز على تعبئة الكفاءات المغربية بالخارج لدعم تنمية المملكة.
مجلس الجالية المغربية بالخارج كركيزة للحوار والتمثيل
كذلك، جاء الإعلان عن تجديد تشكيل مجلس الجالية المغربية بالخارج كمؤسسة استشارية لتصبح منصة للحوار والتبادل، فضلاً عن توفير مقترحات تعزز من دور الجالية وتمثيل مصالحها بفاعلية أكبر.
نحو إشراك الجالية في التنمية الوطنية
تزايد اهتمام المغاربة المقيمين بالخارج في المشاركة في التنمية الوطنية، لا سيما من خلال التحويلات المالية والاستثمارات. وكجزء من الخطة الملكية، سيتم توفير آلية وطنية لتعبئة الكفاءات المغربية، تهدف إلى تجميع قدرات هذه الجالية وإيجاد منصة موحدة تسهم في إرساء التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتجعل الكفاءات المغربية بالخارج جزءًا لا يتجزأ من مستقبل الوطن.
تعكس رؤية المؤسسة الجديدة توجيهًا نحو تقديم برامج ثقافية ولغوية تستهدف مختلف الأجيال من المغاربة المقيمين بالخارج، ليحافظوا على روابطهم بالوطن ويطلعوا أجيالهم على تاريخهم الغني وهويتهم المتنوعة.
يبرز خطاب الملك عمق الرؤية الملكية وتطلعاتها لتقوية تلاحم الجالية مع وطنها، مما يعكس عبقرية حقيقية في تدبير شؤون المغاربة المقيمين بالخارج، ويدشن لمرحلة جديدة من التواصل والارتباط المثمر بين المغرب وأبنائه في العالم.
شاهد: