هل تفتح أزمة “ميدي1 تيفي” باب النقاش حول مستقبل الإعلام المغربي؟

 

شهدت قناة “ميدي1 تيفي” أحداثًا مثيرة للجدل خلال الأيام الأخيرة، أثارت تساؤلات عميقة حول وضعية الإعلام العمومي في المغرب. فقد تداولت منصات التواصل الاجتماعي بشكل واسع صورًا ومقاطع فيديو تزعم تعرض القناة لعملية قرصنة سيبرانية، حيث جرى بث علم ونشيد ما يُعرف بـ”جمهورية الريف”. ورغم أن الفريق التقني تمكن من إعادة السيطرة على البث بعد دقائق، إلا أن إدارة القناة التزمت الصمت، مما أثار مخاوف بشأن جاهزية القناة للتعامل مع التحديات الأمنية الرقمية.

 

استقالات تعكس أوضاعًا مهنية مزرية

على خلفية هذه الحادثة، أعلنت ياسمين القيرواني، مديرة المحتوى والابتكار بالقناة، استقالتها بعد مسيرة امتدت عقدين. القيرواني، التي بدأت مشوارها كمذيعة براديو “ميدي1”، انتقلت لاحقًا إلى القناة التلفزيونية حيث تولت مسؤوليات عدة، أبرزها إعداد وإنتاج المحتوى المتنوع. مصادر من داخل القناة أكدت أن استقالتها جاءت بسبب “ظروف العمل غير المهنية والارتجالية”.

تأتي استقالة القيرواني بعد أيام من مغادرة مدير الأخبار الجزائري يوسف التسوري، الذي قيل إنها “لأسباب شخصية”. غير أن مصادر أخرى أشارت إلى أن بيئة العمل المليئة بالتحديات والضغوط جعلت الاستمرار في المنصب أمرًا مستحيلًا.

 

تعيين مثير للجدل

في خطوة أثارت الجدل، قرر المدير العام للقناة حسن خيار تعيين الصحفي التونسي المتقاعد المنصف بوعلاق لتسيير هيئة التحرير، رغم خلفيته المثيرة للجدل. فقد كان بوعلاق محور فضيحة تحريرية قبل سنوات عندما نسب تصريحًا خاطئًا إلى أحد الباحثين الدوليين، مما أثار استياءً عامًا وأجبر القناة على إصدار اعتذار رسمي.

هذه الخطوة أثارت انتقادات واسعة من داخل القناة، حيث اعتبرت بعض المصادر أن “القرارات المتخبطة” للمدير العام ساهمت في تدهور الوضع المهني.

تعكس هذه التطورات غياب الاعتماد على الكفاءات المغربية في القناة، مع استمرار تعيين أطر أجنبية في مناصب حساسة. هذا النهج يثير تساؤلات حول السياسات الإدارية في قطاع الإعلام العمومي المغربي، ومدى قدرته على الاستفادة من الكفاءات الوطنية لتطوير صورة المغرب إعلاميًا.

 

الإعلام العمومي المغربي أمام تحديات راهنة

ما يحدث في “ميدي1 تيفي” يعكس أزمة أوسع في الإعلام العمومي المغربي، خاصة مع اقتراب تظاهرات رياضية عالمية، مثل كأس العالم 2030، التي تستوجب تعزيز صورة المغرب كوجهة رياضية وسياحية وثقافية. هذا يتطلب إعلامًا يتمتع بالاحترافية والمصداقية، قادرًا على مواجهة التحديات السيبرانية وتعزيز مكانة المغرب دوليًا.

هذه الأزمات تدق ناقوس الخطر، وتدعو إلى إعادة النظر في السياسات الإدارية والتنظيمية داخل مؤسسات الإعلام العمومي. من الضروري الاستثمار في الكفاءات الوطنية وتعزيز الإجراءات الأمنية والسيبرانية، لضمان تقديم إعلام مهني يعكس تطلعات المملكة في الترويج لصورتها داخليًا وخارجيًا.

 

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة