في السنوات الأخيرة، شهد المغرب ظاهرة متزايدة تُعدُّ واحدة من التحديات الكبرى أمام الديمقراطية والشفافية الانتخابية الحملات الانتخابية السابقة لأوانها التي تُنظم غالبًا تحت غطاء العمل الخيري والجمعوي.حيث يُستغل العمل الخيري والجمعوي من قِبل بعض الفاعلين السياسيين كأداة غير مباشرة للترويج لأنفسهم وكسب تأييد الناخبين قبل حلول الموعد الانتخابي الرسمي.
تعتبر الجمعيات المدنية والخيرية من أبرز المؤسسات المجتمعية التي تُعنى بتحسين مستوى العيش وتلبية احتياجات المجتمع في مجالات حيوية مثل التعليم والصحة ومحاربة الفقر. هذه الجمعيات، التي أسست بهدف خدمة المجتمع المدني وتحقيق أهداف اجتماعية وثقافية، يُفترض أن تكون محايدة وتعمل بمنأى عن الاستغلال السياسي. لكن، في الواقع، هناك فئة من السياسيين الذين يستغلون هذه المنظمات كمنصات دعائية لهم.
وتتخذ هذه الحملات أشكالًا متعددة، بدءًا من توزيع المساعدات الغذائية في الفترات التي تسبق الانتخابات، وصولًا إلى تقديم الخدمات الطبية المجانية أو تمويل مشاريع صغيرة، بهدف استمالة أصوات الناخبين. رغم أن هذه الأنشطة تبدو في ظاهرها خيرية، إلا أنها غالبًا ما تٌرفق بحضور شخصيات سياسية تطمح إلى كسب التعاطف الشعبي، حيث تصبح المساعدات مجرد وسيلة للترويج للبرامج السياسية.
الظهير الشريف رقم 1.58.376 الصادر في 15 نونبر 1958 يعدُّ الإطار القانوني الذي ينظم تأسيس وإدارة الجمعيات في المغرب. يُحدد هذا الظهير المبادئ الأساسية لعمل الجمعيات، أبرزها أن تكون ذات طابع تطوعي وغير ربحي. كما يؤكد على ضرورة أن تهدف الجمعيات إلى خدمة المجتمع المدني وتحقيق أهداف اجتماعية وثقافية بعيدة عن أي استغلال سياسي.
إلا أن الواقع يكشف أحيانًا عن ممارسات تُناقض هذا الإطار القانوني. فبعض الجمعيات تُستغل في خدمة أغراض انتخابية، مما يُشوه دورها الحقيقي ويضعف الثقة العامة في العمل الجمعوي.
حين يُستغل العمل الجمعوي كأداة سياسية، تتضرر مصداقيته، وتُصبح الجمعيات في نظر المواطنين مجرد وسيلة لتحقيق مصالح سياسية شخصية، مما يُنقص من قدرة الجمعيات على أداء دورها الحقيقي في خدمة المجتمع. استغلال الجمعيات من قبل السياسيين يعزز الفجوة بين المرشحين. ففي الوقت الذي يتمكن فيه بعض المرشحين من استغلال هذه المنظمات لصالح حملاتهم الانتخابية، يُحرم آخرون من نفس الفرص، مما يؤدي إلى عدم تكافؤ الفرص في الحملات الانتخابية. على الرغم من وجود قوانين تنظم عمل الجمعيات، إلا أن الرقابة على استغلالها لأغراض سياسية تبقى غير كافية. ويُسمح لهذا النوع من الممارسات بالاستمرار بشكل شبه علني، مما يهدد نزاهة العملية الانتخابية.