تحولت أراضي “هنشير بن فرحات” الواقعة في بلدة العامرة بمحافظة صفاقس إلى ساحة حرب حقيقية، ليس على الأرض فحسب، بل على حقوق أصحابها الذين أصبحوا يشعرون بالعجز والخذلان. لهذا الوضع الكارثي ، حيث كشف أحد ملاك الأرض ، ( بحسبه ) عن عجز الدولة التونسية في حماية ممتلكات مواطنيها، وفشل نظام قيس سعيد في اتخاذ قرارات فعّالة لحماية الأمن العقاري للمواطنين.
فمنذ غشت 2023، بدأت معاناة أحد المتضررين “أ.ب.ف” عندما تم ترحيل المهاجرين غير النظاميين إلى غابات الزيتون خارج مدينة صفاقس، في خطوة اعتبرها المواطنيين “خاطئة وغير مدروسة”. ولم يتوقف الأمر هنا فقط . فبعد تلك التحركات “الإدارية” التي كانت تهدف إلى تخفيف الضغط على المدينة، بدأ المهاجرون بالاستيطان في أراضيه، ليحولوا المكان إلى مخيمات عشوائية، ما يجعل من الأرض موضوعًا للصراع الميداني. وبدلاً من أن تتدخل السلطات، سواء على المستوى القضائي أو الإداري، قرارا لحماية أرض المواطن التونسي، استمر الوضع في التدهور، ما يطرح تساؤلاً عميقاً عن فاعلية النظام الحاكم.
“أ.ب.ف”، الذي لا يزال يناضل لاسترجاع أرضه، يقول إن السلطات التونسية لم تتحرك بالقدر الكافي لوقف هذا الاستيلاء الغير قانوني، رغم الشكاوى العديدة التي قدمها. “الوضع أصبح لا يطاق”، هكذا عبر عن قلقه المستمر من تجاهل المسؤولين لأزمة تتفاقم يومًا بعد يوم.
وتبقى الأسئلة الحارقة بلا إجابة: أين الدولة التونسية؟ لماذا تغض النظر عن الاستيطان العشوائي ؟
ما الذي يفعله النظام الفعلي من أجل حماية مواطنيه وأراضيهم من الانتهاك اليومي؟
ما يحدث في المنطقة هو مجرد نموذج صغير لعجز نظام سياسي بات بعيداً عن الواقع. فعندما يترك المواطنون ليدفعوا ثمن فشل السياسة في حماية حقوقهم، لا يُمكن إلا أن نرى هذا الوضع كتعبير عن تخلّي كامل عن التونسيين وأرضهم.