في مشهد سياسي لا يخلو من الطرافة والاستغراب، خرج نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، بتصريحات نارية ينتقد فيها الحكومة التي ينتمي إليها! نعم، لم تخطئوا القراءة؛ الرجل الذي كان وما زال جزءًا من ماكينة اتخاذ القرار الحكومي، وجد نفسه فجأة في موقع المعارضة، أو هكذا يبدو.
لقد تساءل المغاربة بدهشة: هل هذه صحوة ضمير متأخرة أم مجرد مسرحية سياسية جديدة؟ فكيف لبركة أن ينتقد ارتفاع الأسعار وهو يعلم تمامًا أن وزارته وحزبه جزء لا يتجزأ من هذه السياسات؟ هل نحن أمام محاولة ذكية لتبييض وجه حزب الاستقلال استعدادًا للانتخابات المقبلة؟ أم أن هناك شيئًا يُطبخ في الخفاء؟
بركة لم يكتفِ بنقد الوضع، بل أطلق تصريحات من نوع: “اتقوا الله في المغاربة” في إشارة واضحة إلى استغلال بعض الفاعلين الاقتصاديين داخل و خارج الحكومة للوضع الراهن. لكن السؤال الذي يطرح نفسه : أليس أولى به أن يوجه هذا النداء لزملائه في الحكومة؟ أم أنه قرر فجأة لعب دور “المعارض البريء”؟
هذه الازدواجية في الخطاب السياسي تضع حزب الاستقلال العريق أمام علامات استفهام كبيرة. فهل بدأ الحزب فعلاً في التمهيد للخروج من التحالف الحكومي ليظهر وكأنه “ضحية” قرارات لم يشارك في اتخاذها؟ أم أن هذه مجرد خطة لفسح المجال لمن “يهمهم الأمر”؟
الجديد هنا هو توقيت هذه الخرجات الإعلامية، حيث تزامنت مع تزايد السخط الشعبي بسبب ارتفاع الأسعار وموجة الانتقادات لأداء الحكومة. فهل هي محاولة ماكرة لركوب موجة الغضب الشعبي؟ تصريحات بركة تبدو وكأنها رسائل مشفرة، لكن السؤال الأهم: إلى من؟
في كل الأحوال، تبقى خرجات نزار بركة الأخيرة مثيرة للدهشة والاستهزاء في آنٍ واحد. فالرجل الذي يفترض أن يقدم حلولًا من موقعه الوزاري، فضل أن يلعب دور الناقد والمستهجن. فهل هي بداية النهاية لتحالف حكومي اصبح هش؟ ام سنشهد قريبًا انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة بدعوى الدفاع عن مصالح المواطنين؟