من غبار الأمس إلى بريق اليوم: حكاية رحمة المودن بين ثقافتين

 

في يوم رمادي من عام 1975، انطلقت رحمة المودن من طنجة إلى هولندا حاملة معها آمالاً لا تعد ولا تحصى. كانت في السابعة عشرة من عمرها، لا تتقن اللغة الهولندية، ولم تألف بعد الحياة في بلدٍ غريب، ولكنها حملت طموحاً نادراً وشجاعة قلبٍ مفعم بالثقة. بعد عام من زواجها، بدأت العمل كعاملة نظافة، تعمل بجانب زوجها، محاطةً بمسؤولياتها كأم وزوجة، ومثقلةً بأحلامها التي لم تنطفئ. ومع مرور الأيام، أثبتت رحمة نفسها بجدارة وصدق، وصارت تُعرف بين زملائها بلقب “الكاملة“، لوفائها وإخلاصها في كل مهمة تقوم بها.

 

تدريجياً، وبفضل قوة الإرادة والإتقان، تحولت رحمة من مجرد عاملة نظافة إلى مديرة لأكبر شركات التنظيف في هولندا، تضم 600 موظف وتحقق إيرادات تقدر بسبعة ملايين يورو سنوياً. حكايتها تُجسد رحلة انتقال مذهلة، حيث تخطت العقبات التي واجهتها في مجتمع جديد بثقافته وتقاليده، لترسم لنفسها مسارًا مختلفًا بجرأتها وصبرها. اليوم، تُعتبر رحمة مثالاً مشرفاً لنجاح المرأة المغربية والعربية، وأيقونةً تلهم كل من يؤمن بقوة العزيمة والطموح.

 

وفي كتابها “رحمة: الطريق نحو حريتي“، الذي تم تقديم حفل توقيعه مساء اليوم 12 نونبر الجاري بالتعاون بين مؤسسة دار سوشيرس للنشر ومجلس الجالية المغربية بالخارج،  إذ تستعرض الكاتبة رحلتها من طنجة إلى أمستردام، وكيف نجحت في بناء حياة حرة تجمع بين ثقافتها المغربية واندماجها في المجتمع الهولندي. بترجمة مصطفى أعراب، تروي القصة فصولاً من التحديات التي عايشتها، وتستعرض مسارها بين ثقافتين.

 

رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، السيد إدريس اليزمي، أشاد بمسار رحمة، مؤكدًا أنه نموذج للإصرار والارتباط بالجذور، معتبراً قصتها حلقة وصل بين أجيال سبقت وأجيال تتطلع إلى النجاح.

بالنسبة لرحمة، فإن قصتها ليست مجرد رحلة شخصية، بل هي رسالة إلى كل شاب وشابة، سواء داخل المغرب أو خارجه، بأن الأحلام الكبيرة لا تعترف بالحدود، وأن من يبدأ مسح الغبار عن حلمه، قد يصل يوماً إلى بريق النجاح الذي يستحقه.

 

شاهد

 

 

 

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة